الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

المخنوقون

في ركن المدرج البعيد، بدأتْ مجموعةٌ من الشباب بالغناء. صارت الأنظارُ تتوجّه اليهم، وإلى حمّى الغناء التي اشتدَّتْ في الركن الآخر من المدرّجات. على خط منتصف الساحة، وقفتْ السياراتُ متقابلةً، فأصبح من السهل تحديد عدد ونوع ولون السيارات الشمالية أو الجنوبية. انكتمتْ الأنفاس تماماً، ولم يكن يُسمع سوى صوت المحركات، وهي تُخرجُ عوادمَها من أنابيـبها الخلفية، ما زاد في ضيق الناس وخوفهم وتوترهم. معاً، صرخ الشبابُ الذين كانوا يقودون الغناءَ في ركن المدرج البعيد، صرخةً واحدة، ثم صفقوا ثلاثَ مرات. أشار أحدهم إلى الجماهير في المدرجات أن يفعلوا مثلهم. انطلقت السياراتُ المصفحة في صدامٍ حامٍ وشديد من لحظاته الأولى. كانت سياراتُ كلّ فريق تنطلق بأقصى سرعتها لتصطدمَ بسيارات الفريق الآخر. كان الاصطدام يزداد شراسةً مع مرور الوقت، وكانت العوادمُ تزداد في السيطرة على هواء المدرّجات. أحسّ بعض الجمهور بالاختناق، بعدما تلوث كلُّ الهواء الذي ظلَّ يتصاعد، حتى هبوط الليل. ترك هؤلاء المخنوقون أماكنهم ونزلوا الدرَج، باتجاه بوابات الخروج، لكنّها كانت مغلقة. [email protected]