الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

«درنة» الرقة السورية

درنة المدينة الليبية الجبلية الخضراء والعذبة بمياهها، والساحلية بشواطئها الممتدة على طول البحر المتوسط شمال شرق البلاد، والبالغ عدد سكانها حسب آخر إحصائية في عام 2011 نحو 80 ألف نسمة، تقبع اليوم تحت تنظيم إرهابي مسلح يدعى «مجلس شورى مجاهدي درنة» التابع لتنظيم القاعدة، هذا التنظيم الذي تشكل من جنسيات متنوعة ويحتل هذه المدينة. قضية درنة يشوبها الكثير من سوء الفهم والتحليل والارتزاق على مدار أكثر من ثلاث سنوات، فالجيش الليبي الوطني بقيادة القائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر الذي يقود عملياته العسكرية على محاور الظهر للمدينة، لا يريد قصفها أو تدميرها مثلما يشاع، بل وبسبب وجود تلك العناصر أعلن الجيش أكثر من مرة أنه يرغب في الحوار والتفاهم، «أولاً» مع الليبيين المنضوين في صفوف هذا التنظيم، وإعطائهم الفرصة لتسليم أنفسهم، لكن الخطورة الكبرى تكمن في العناصر الذين لا علاقة لهم بليبيا، وهم أساس المشكلة. لا أحد يستطيع التكهن أو الإثبات حتى الآن ماذا يدور داخل المدينة بيد أولئك المسلحين، وعلى الرغم من وجود الكثير من تلك الصور والمقاطع المصورة سابقاً التي تثبت الجرائم على أيديهم، فإن السؤال الذي يُفترض أن يطرح الآن، هل جرى ضخ عملاء استخباراتيين داخل هذه المدينة، أو التعاون مع بعض أهلها لاستكشاف الوضع القائم، والذي على إثره تُرسم خطة محكمة ودقيقة لعملية عسكرية دقيقة ومنظمة داخل المدينة؟ لأنه حتى الآن تتضارب الأنباء حول جغرافية المحتلين بقاعها. منذ عام 2011 بدأت المخابرات العالمية نشاطاً غير مسبوق على الأرض السورية، حيث وصل عددها لـ 16 جهازاً استخباراتياً بمختلف توجهاتها وأغراضها ومصالحها، وعند احتلال الرقة وتغييبها عن العالم بيد تنظيم داعش، لعبت استخبارات بعض الدول العظمى دوراً في تفكيك عمق المدينة، وبفضل أجهزتهم تمكن التحالف الدولي من تحرير المدينة التي كانت منطلق كل الإرهاب. والشيء بالشيء يُذكر، فهناك تقارير كثيرة تحدثت عن عمليات إرهابية حدثت في مصر كان مصدر التخطيط لها مدينة درنة وبيد من يحتلونها. قضية «درنة» قد تكون معقدة نوعاً ما، لكن إصرار الجيش الليبي على إنهاء هذا الأزمة يعطي اطمئناناً لبصيص نور يُخلص «لؤلؤة برقة» من سنوات التعاقب الإرهابي الذي بدأ على يد تنظيم «داعش» منذ عام 2014. [email protected]