السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

للأحلام تاريخ صلاحية

«فطيرة التفاح» قصة من الأدب الياباني كانت المفضلة في طفولتي، وبرغم أحداثها البسيطة إلا أنها ترمي لمعانٍ عميقة قد لا يتسنى للبعض أن يعيشها أو يفهمها إلا في سنين متأخرة من عمر نضوجهم. تتحدث القصة عن موظف بسيط يعيش على هامش الحياة ولا يشكل وجوده فرقاً أو وزناً عند أي أحد. يدعى هذا الموظف في كل عام إلى مأدبة يقوم بها رئيسه في العمل، وبرغم كل الأصناف الشهية التي تُقدَّم فلم يكن بإمكانه الحصول ولو على جزء بسيط من فطيرة التفاح الشهية التي غدت مع الوقت منتهى أحلامه. في يوم ما يصطحبه ثري ما أشفق على أمنيته الأثيرة إلى مائدة عامرة بعشرات فطائر التفاح المخبوزة للتو من أجله فقط. تنتهي القصة بعودة الموظف البسيط إلى منزله من دون أن يتذوق أي من تلك الفطائر! يقال «لكل زمان دولة ورجال» إذ إن بعض الأمور في الحياة أفضل ما تكون في فترة محددة فإن مضى عنها زمانها خاب بريقها وخلا منها معناها وقيمتها، ولم يبق غير رواسب الندم. تقول أحلام مستغانمي في روايتها - الأسود يليق بكِ - «لا أفقر من امرأة لا ذكريات لها. فأثرى النساء ليست التي تنام متوسدة ممتلكاتها، بل من تتوسد ذكرياتها» وهو قول ينطبق على الرجال كذلك في نظري إذ برغم أنك تستطيع أن تحلم في أي وقت إلا أنك لا تستطيع تحقيق الأحلام دائماً، إنما هي فرص لن تتكرر وجميل أن نسعى لتحقيق طموحاتنا، فإن منينا بالفشل فلنا شرف المحاولة وذكريات تدفئ أيامنا القادمة. إذاً، هل هذا هو سبب زهد الموظف في القصة عن فطائر التفاح بعد حصوله عليها؟ هل عاقب الحلم الذي جاء متأخراً؟ أم أنه فضَّل الاحتفاظ بالشيء الوحيد الذي يؤنسه وبملكيته الوحيدة وهو حلمه؟ فربما إن وضعه يشبه تاجر البلور الذي عمل عنده «سانتياجو» الراعي الإسباني بطل رائعة باولو كويلو «الخيميائي»، الذي كان يحلم طوال عمره بالحج ثم عندما واتته الفرصة امتنع وقرر الاحتفاظ بالأمر مجرد أمنية وحلم! لا يكون الخوف من الفشل سبباً لعدم المحاولة، فللنجاح طعم وللفشل أيضاً على مرارته طعم لكن الندم صلفٌ يصعب احتماله. [email protected]