الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

في يوم الحب .. زهرتي سميتها الإنسان

أتساءل أحياناً لماذا أصبحت حياتنا معقدة بهذه الكيفية؟ أهو الإيقاع الخشن الذي يحيط بنا، أم هو صراع الفضائيات الذي بات يجلب الاكتئاب بما يحمله من أنباء صحيحة تارة وكاذبة أخرى؟ في وسط هذا الخضم الهائل من الأنباء السوداوية، قد بات علينا أن ننتهز أية مناسبة لنحاول كسر الدائرة والخروج منها ولو لساعات قليلة .. وها نحن تفصلنا أيام عن مناسبة رمزية غير رسمية، إنها يوم الحب أو عيد الحب الذي لا أظنه كارثة يؤدي إلى الضلال كما يصوره البعض، وإلا كان استخدام الفيسبوك والتوتير والموبايل يؤدي لأمور مماثلة أيضاً بالمقاييس ذاتها. إن «عيد الحب» بكل ما يحمله في طياته من معان جميلة لهو يوم بات العالم كله تقريباً خلاله يتخطى حدود المحبين والعشاق كما كان في الماضي، ليغدو فرصة للتعبير عن مشاعر صافية لكل من نحب في هذا العالم المثقل بالهموم. بمقدورنا جعله يوماً استثنائياً يأتينا من العام للعام، وذلك بأن نفكر فيمن فصلت بيينا وبينهم مسافات وقارات، وفيمن هم قريبون منا غير أن الأيام تأخذنا كعادتها بإيقاعها المتلاحق للبعيد فلا نجد المجال أو الفرصة لملاقاتهم أو التواصل معهم حتى عبر الرسائل القصيرة. هو يوم إذا ما أردنا يمكننا من خلاله أن نراجع أنفسنا، فنتصالح معها قبل أن نتصالح مع الآخرين، ورؤيته كمساحة رحبة تمكننا من أن نعلم أولادنا معنى إنسانياً هاماً، ألا وهو العطاء والمبادرة بالتصالح مع من تشاجر معهم من الأصدقاء والمبادرة بتقديم زهرة إلى من يعلموننا حرفاً. ليكن صباح يوم جديد شديد الخصوصية يفيض بتألقه على كل رجل وطفل وامرأة، على كل من يسير خطوة إلى الأمام، إلى كل من يعانق معنا طائر السلام. صباح قادر على لقاء الضياء ومنح وردة أو ابتسامة لمسن أو مسنة والكثير منهم يقبعون في دار بعيدة ينتظرون كل يوم ذويهم ولا يحضرون، الأمر ذاته ينسحب على جار وحيد أو جارة حزينة لفقدان عزيز. صباح نحتضن فيه طفلاً يتيماً فربما محونا ولو لدقائق معدودة تلك النظرة الشاردة في عينيه والتي لا ترنو سوى إلى المجهول. ليكن يوماً للمشاركة والسفر بين دروب الإنسانية بخفقة قلوب حانية. يوم لو شئنا يبدأ ولو بزهرة ندية في القلوب وابتسامة نقية على الشفاه، وكلتاهما قادرتان على محو عناء الكثير مما نلاقيه على مدى العام من أعماقنا. وإذا ما استرسلنا في مدى ما يمكن أن تحققه لنا مثل هذه المناسبات العابرة، فسنبادر أيضاً إلى التسامح مع مؤسسات ورجال الدولة كافة التابعين للأنظمة السابقة، في البلدان التي شهدت تغيرات مؤخراً، خصوصاً من لم تتم إدانتهم أو غير المتورطين في أية قضية فساد. القائمة في عموميتها طويلة ولا حصر لها، غير أن لكل منا قائمته الخاصة به، لو بدأ حتى بجزء منها. من يدري فلربما كانت اللفتة الصغيرة التي يستهان بها بإمكانها تحقيق الكثير؟ فهل لنا أن نلتف على جمود الواقع ونجرب أن نحيا يوماً بشكل مغاير تماماً؟ أما كل من سيبقى على رفض إطلاق لفظة «عيد» على هذا اليوم فلن نناقشه أو نجادله بل نحترم قناعته. ليكن فقط يوماً للحب بمعناه الكبير والأوسع والأشمل، يوماً نشارك فيه بمفهومنا العالم أثناء احتفالاته بـ «الحب». كل مناسبة سعيدة وجميعكم في حب وسعادة، وإليكم جميعاً أهدي أحلى الزهور. [email protected]