الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

القلم نبراس المعرفة والعلم

لعل القلم والكراس صنوان متلازمان لا غنى لأحدهما عن الآخر، والقلم منذ أقدم العصور له حضور في حياة البشر، فعبره بدأت عملية توثيق الحضارات المتعاقبة، فهو الذي يدون التاريخ ويحفظ الدواوين وهو نبراس للثقافات المتعددة على مر الزمان، وهو همزة الوصل بين سائر الشعوب بكتاباتها ورسائلها ومخطوطاتها وسير عظمائها وعلمائها ومبدعيها. ولعل دواة الحبر والريشة التي تغمس في المداد في الأزمنة الغابرة هي القلم في عينه، فكم خطت تلك الريشة المئات بل الآلاف والملايين من الكتب والمخطوطات والمطويات، فمثلاً هذا الخليل بن أحمد الفراهيدي مؤسس علم العروض الذي وضع أوزان الشعر العربي (المسمى العروض) طبعاً كان يحتاج إلى تدوين، أي إلى دواة وريشة التي هي القلم، فإن القلم والدواة حفظا لنا هذا العلم العروضي. والقلم مرآة الكاتب وهو ضميره، كما أنه سلاح ذو حدين ففيه قد يحضر الباطل أو يبين الحق، فإما أن يكتب الكاتب معلومة فيها دجل وخرافة ومعلومة مغلوطة، أو أنه يكتب كلمة حق ولو على نفسه. والكاتب ينثر أفكاره وأحاسيسه بما يختلج في نفسه، ويكون محور تلك الانفعالات مشاعر وحقائق تسكب وتدوّن بواسطة القلم الذي هو شرف الكاتب وديدنه. نعم، القلم يسطر الملاحم ويقوي العزائم وينجز المشاريع ويبني معالم الحضارة ويؤرخ لمراحل تطور الدول ويجعل الأجيال المقبلة تعرف الكثير عن الأجيال السابقة، وكيف عاشت، وماذا عملت. كذلك ربّ قلم قد أودى بحياة بريء وربّ قلم سلب حقوق الناس وحولها إلى غير أهلها. وأخيراً يجب أن تنأى ضمائر الأقلام عن الاستيلاء على مؤلفات الغير، كما يحدث في عصرنا الحاضر .. بهذا ينتكس القلم وينزوي في دائرة مغلقة. عليك أيها القلم أن تراعي ضميرك فيما تكتب، ولمن تكتب .. فأنت أيها القلم نبراس الحق والمعرفة ونور العلم.