الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

حكومات النزعة الثقافية هي المستقبل

شكل الحكومات لن يبقى طويلاً وفق الصورة التقليدية، والاقتصاد بمظاهره لن يبقى أيضاً، وستكون فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية مجرد تاريخ إنساني، مع كل ما سادها من توافق تاريخي بين التقدم وزيادة معدلات الرخاء الاجتماعي في كثير من الدول الصناعية. اليوم ثمة أفكار وآراء متعددة تتوقع لحكومات العالم فترة انتقالية مهمة، ولكن ذلك سيترافق مع أسباب متعددة تدعونا إلى القلق حول المستقبل والقدرة على انتهاج النزعة المناسبة. من الواضح أن حكومات النزعة الاقتصادية ستعاني كثيراً في هذا القرن، فهي التي كانت تبحث عن سعادة الإنسان عبر الاندماج الاقتصادي التقليدي، والربط التربوي بالحاجة في سوق العمل، ومحاولة صياغة التوازن بين التطور التقني وكفاءة المهارات البشرية، وإدارة الصراع بين التقنية والإنسان، ومحاولة الحد من تأثير الآلة على المساهمة البشرية في صناعة التنمية. البشرية اليوم تدخل مرحلة تتطلع إلى شكل جديد من حكومات المستقبل «حكومات النزعة الثقافية»، فما هي حكومات النزعة الثقافية؟ هي حكومات تتسم بوصف مكثف للظواهر الاجتماعية بكل أبعادها الاقتصادية والثقافية والتراثية، وهي أيضاً حكومات ستتقبل إعادة بناء مسارات التواصل مع الشعوب، وستتضاعف الظواهر الاتصالية مع الشعوب في هذه الحكومات من الأسفل إلى الأعلى. بمعنى آخر، إن حكومات النزعة الثقافية سترسخ تبادل الأدوار العالمية في عمليات الإنتاج الصناعي، ولكن في الوقت ذاته لن يحدث ذلك قبل أن تدرك تلك الحكومات أن الظواهر الثقافية في المجتمعات هي المحور الرئيس للمساهمة في صناعة الثقافة العالمية الجديدة. حكومات النزعة الثقافية لن تكون بحاجة في المستقبل إلى وزراء يديرون استراتيجياتها ويرسمون شكل البيروقراطية التنظيمية، بل إلى بناء وتحليل أنماط مجتمعاتها الثقافية، وقضاء الوقت من أجل دمج تلك المجتمعات في مسارات أكثر اتساعاً من العولمة والاستهلاك والتواصل التكنولوجي، فالمطلوب من حكومات النزعة الثقافية إنتاج الأنماط الثقافية وإدارتها لصناعة شعوب تتميز بالنزعة العالمية والتشارك، فالاحتكار وخصوصاً المعرفي سوف ينتهي تدريجياً من العالم، لذلك تتطلع حكومات النزعة الثقافية إلى استنساخ إنسان منتمٍ للمحلي والدولي. [email protected]