الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

الفساد ينخر دولة المرشد وشماعة العقوبات لا تقنع الشعب الإيراني

يحاول بعض المراقبين تحليل أسباب التردي في الحياة الاقتصادية في إيران، قصراً على عقوبات الخارج أو ما شابه فقط، لكن الداخل الإيراني يتفق على كون الفساد هو السبب الرئيس لتردي الأوضاع، فضلاً عن صعود انتقادات من آن إلى آخر بسبب تكلفة الحروب الداخلية التي تقودها إيران مباشرة أو بالوكالة عنها دعماً لميليشياتها في سوريا واليمن والعراق وغيرها. عن تأثير الفساد على تردي الأوضاع الاقتصادية، جاءت افتتاحية صحيفة «آرمان» الإيرانية الخميس، والتي كتبها الأكاديمي الإيراني علي أكبر غرجي، تعرّض فيها لأسباب تفشي الفساد في جميع قطاعات الدولة وتداعيات ذلك على المجتمع الإيراني. يرى الكاتب أن جذور الفساد ومنابعه أصبحت كثيرة ومختلفة للغاية وأن جزءاً من أسباب هذا الفساد الإداري والمالي والاقتصادي نابع من البحث عن المصالح الشخصية، وعدم الاكتراث للمصلحة الوطنية. وبعبارة أخرى، إن الفساد يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمدى التزام المسؤولين عن السلطة بالقواعد الأخلاقية، إضافة إلى العوامل الأخرى مثل الهيكل السياسي والإداري الخاطئ للبلاد، وعدم التزام الحكومة بقواعد الديمقراطية، وانعدام وجود رقابة حقيقية على المسؤولين، وغياب مساءلة المخطئين مثلما حدث في حادث تصادم قطار سمنان، واتهام وزير العدل بالاستيلاء على أموال السلطة القضائية واختلاس مال صندوق المثقفين، وغيرها العديد من القضايا التي طالما كان المتهم بها مقرباً من المرشد الأعلى والسلطة الحاكمة، لذا لا تتم معاقبته. ومما لا شك فيه أنه إذا كانت السلطات الإدارية فاسدة فإنها تنشئ قوانين سيئة مليئة بالثغرات تمكّنها من عدم مساءلتهم، لذا فإن القوانين السيئة لن تؤدي إلى نتائج عادلة، حيث جزء كبير من المسؤولين لا يحترم نصوص الدستور ولا سيادة القانون. وفي سياق متصل، قال الخبير الاقتصادي مهدي تقوي إن الفساد الإداري والاقتصادي في إيران، وفقاً لتقرير منظمة الشفافية الدولية عن أن نسبة انعدام الشفافية في إيران فاقت كل التوقعات، يجعلها تحتل المرتبة رقم 152 من بين 170 دولة على مستوى العالم، وفقاً لتقرير المؤسسات الاقتصادية الداخلية الأخير. ويشير الكاتب إلى أن نسبة الفساد في الاقتصاد الحكومي تزداد بشكل مخيف بسبب انعدام الشفافية، فالاقتصاد الإيراني ينقسم إلى اقتصاد القطاع الحكومي والقطاع الخاص، وإن انحياز الحكومة للقطاع الحكومي وإعطاءه العديد من المميزات وتعسفها مع القطاع الخاص وتجاهلها حل مشاكله، يؤدي إلى إغلاق العديد من المصانع وتسريح آلاف العمال. أما السياسي والأستاذ الجامعي محمد رضا عارف فيرى أن مشكلة إيران ليست في عدم وجود أموال لديها بسبب البيروقراطية الإدارية وضعف الإدارة والإرادة السياسية، إضافة إلى تردد المسؤولين في تنفيذ البرامج الحكومية، وعملهم وفقاً لمنافعهم الخاصة وليس لمصلحة المواطنين، ما يؤدي إلى تضارب المصالح بين المسؤولين.