السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

تماهياً مع مبادرة رئيس الدولة .. رؤساء تحرير وكتاب: مكتوب .. مسموع .. مرئي .. وقاية الإعلام خير من علاجه

نظم المجلس الوطني للإعلام أمس ندوة فكرية لرؤساء تحرير الصحف والإعلاميين والكتاب لمناقشة التحديات الراهنة ودور الإعلام في خلق بيئة إعلامية متوازنة. وجاءت الندوة في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية تفعيلاً لمبادرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بشأن التلاحم الوطني والمجتمعي الهادف لخلق مجتمع متماسك قادر على التنافس والتطور. وناقش كوكبة من المسؤولين سبل الوقاية من التأثيرات الإعلامية الضارة بحضور وزيرة الدولة ورئيسة اللجنة العليا لمبادرة دعم التلاحم الاجتماعي الدكتورة ميثاء سالم الشامسي، ومدير عام المجلس الوطني للإعلام إبراهيم العابد، وعضو المجلس الاستشاري الوطني للإعلام راشد العريمي، ورئيس تحرير صحيفة الرؤية محمد التونسي، إلى جانب كتاب ومفكرين. وقسمت الحلقة النقاشية إلى جلستين تناولت الأولى دور الإعلام في تعزيز التلاحم المجتمعي باعتباره يلعب دوراً فاعلاً في الرسائل المجتمعية، بينما طرحت الثانية سبل تعزيز المواطنين في القطاع الإعلامي، لا سيما أن مؤشرات غير رسمية تفيد بأن نسبتهم لا تتجاوز الـ 17 في المئة. وأكدت الدكتورة ميثاء سالم الشامسي في مناقشاتها، أن مبادرة التلاحم الوطني إحدى مبادرات القيادة الرشيدة المطروحة في عام 2009، وتولت تنفيذها وزارة شؤون الرئاسة برئاسة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة بتشكيل لجنة وزارية عليا لتتولى أنشطة وسبل دعم التلاحم الوطني في عام 2010. وأوضحت الوزيرة التي ترأسها حالياً ترسم سياسات اجتماعية لتحقيق الهدف المنشود وبما يتوافق مع مبادئ رؤية الإمارات 2021 القائمة على أن أبناء الإمارات يتطلعون إلى هدف واحد، وقلب رجل واحد، وهو بناء الإمارات وتعزيز أسس التلاحم الوطني. وأشارت الوزيرة إلى أن السياسة الأولية التي وضعتها اللجنة تعزيز روح الضمير الوطني الجماعي للتغلب على المصالح الفردية. وطرحت الأستاذ المساعدة في كلية العلوم السياسية بجامعة الإمارات الدكتورة مريم لوتاه ورقة عمل توضح كيف أن الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع يكون له مفعول السحر في تشكيل وصناعة الرأي العام، ما يستوجب الاضطلاع بمسؤوليته في حفظ تماسك الوطن. واستعرضت الدكتورة لوتاه الوعي العربي في العصر الجاهلي بأهمية الإعلام، إذ اهتموا بإيصال رسالتهم الإعلامية عبر الشعراء للتعزيز من تلاحمهم، ليأتي العصر الإسلامي وتتحول الوسيلة الإعلامية إلى الخطابة في المساجد. وأوضحت لوتاه أنه في ظل التقنيات الحديثة لا بد أن ينتبه الإعلاميون إلى خطورة الكلمة أو الرسالة التي تبث عبر قنواتهم الإعلامية، لا سيما مع سرعة انتشارها في ثوان معدودة. وأشارت الأستاذ المساعدة في كلية العلوم السياسية إلى أسّر الإعلام لمتلقيه، إذ عادة ما يعتقد المستقبل أنه حر في اختيار الرسالة إلا أنه بهذا التصور يعتبر موهوماً، لأن الرسالة لا تكون مباشرة وتحمل مضامين غير صريحة لا ينتبه إليها سوى بعض الخاصة من المثقفين. واقترحت الدكتورة لوتاه حلولاً للمحافظة على التلاحم المجتمعي في ظل زخم الرسائل الإعلامية المغرضة، مشيرة إلى أن الخطوة الأولى التي اتخذتها الجهات الرسمية هي وضع سياسات عامة، وعمل برامج لتنفيذ تلك السياسات وتدريب الكوادر الوطنية، ومن ثم متابعة تنفيذ البرامج. وأشارت إلى أن «تويتر» عالم افتراضي صنعه وصدقه جميع مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، موضحةً أن كثيراً من أخباره غير واقعية وينخدع بها كثير من المتابعين من فئة الأقل ثقافة، ناصحة الآباء متابعة أبناءهم بعيداً عن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي. وسلط الإعلامي أحمد المجيني الضوء على تراخي وسائل الإعلام في تعزيز التلاحم الوطني باستثناء المناسبات الوطنية فقط، لافتاً إلى أن الإعلام يحتاج حالياً إلى سبل وقائية من تعرضه للمشكلات وليس سبل علاجية. وأوضحت الكاتبة الصحافية عائشة سلطان أنه على الرغم من العيش الكريم في المجتمع الاماراتي، إلا أن الأمر يتطلب خطة مرسومة المعالم لمواجهة تحديات تأثير الإعلام على المستقبلين لا سيما الإعلام الخارجي. واستعرض أستاذ الإعلام في جامعة الإمارات الدكتور حسن القايد كيفية التركيز على مصدر الرسالة الإعلامية أو صانع قرار الرسالة الإعلامية والذي يحدد مضمونها وينشرها على أعين أو مسامع المستقبلين. وفي مداخلة للوزيرة أكدت فيها أن الإعلاميين أنفسهم وبواجب المسؤولية المجتمعية هم يضطلعون بمسؤولياتهم في بناء مؤسسات إعلامية تعزز تقافة التلاحم الوطني. وبعد استراحة استمرت 15 دقيقة ناقش المفكرون والكتاب والإعلاميون قضية «تعزيز التوطين في المجال الإعلامي»، إذ اعترف رئيس جمعية الصحافيين في الإمارات محمد يوسف أن مسيرة التوطين خلال الفترة الماضية كانت دون الطموح، كاشفاً أنه سيتم الخروج خلال العام الجاري بخطوات واضحة لاستقطاب الكوادر الوطنية نحو المؤسسات الإعلامية. واتفق الحضور على جملة من المطالب نحو توطين قطاع الإعلام على رأسها تمكين المواطنين من العمل في القطاع، والمطالبة بآلية واضحة ونسب حقيقية للتوطين في المؤسسات، لا سيما أنه لا يوجد إحصاءات واضحة تشير إلى نسب التوطين الحقيقية، بينما تشير إحصاءات غير رسمية إلى أنه يعمل في القطاع الإعلامي نحو 2600 إعلامي من بينهم 474 مواطناً ما يعني أن النسبة لا تتجاوز 18 في المئة. وتبنى رئيس تحرير صحيفة «الرؤية»، محمد فرج التونسي اتجاهين مكملين للخروج من مشكلة تدني أعداد المواطنين في القطاع للوصول إلى نسب توطين مرضية لا تؤثر على سير المؤسسات الصحافية والإعلامية. وأوضح التونسي أن الاتجاه الأول يكمن في دمج المواطن بالمؤسسات الإعلامية عبر برامج استراتيجية واضحة المعالم، مشيراً إلى أن الجامعات الأكاديمية غير مسؤولة بالأساس عن تدريب الكوادر، وإنما المؤسسات الإعلامية نفسها. واقترح التونسي إنشاء مؤسسة تدريبية واضحة الاستراتيجية وممولة بشكل جيد تمكن المتدربين من إيجاد دخلّ مرضي أثناء فترات التدريب، ملقياً الضوء على تجربة شخصية له في إحدى القنوات التلفزيونية الخليجية والتي استطاع رفع نسبة التوطين فيها إلى ما فوق الـ90 في المئة. وأكد رئيس تحرير صحيفة الرؤية أن المسؤولية المجتمعية وحدها للمؤسسة الإعلامية تلزمها بتدريب المواطنين على رأس عملهم، لافتاً إلى أنه ليس بالضرورة أن يعمل المواطن في مقتبل حياته في منصب مرموق، بل أن يتشرب طبيعة عمله ويتقن الدور المنوط به. واستعرضت الكاتبة الصحافية عائشة المهيري في صحيفة «الرؤية» تجربة رائدة تعكف إدارة الموارد البشرية التي ترأسها على تنفيذها عبر استقطاب الخريجين الجدد وتدريبهم لفترة ثلاثة أشهر، ومن ثم انخراطهم في العمل داخل المؤسسة كحل عملي للتغلب على مشكلات التوطين، مشيرة إلى أن الخطوة التالية بعد دمج المواطنين هي ترفيعهم في المناصب القيادية. وطرح جمال ناصر من وكالة أنباء الإمارات معوقات الراتب المتدني للمؤسسات الإعلامية، والتي تجعل المواطنين يعزفون عن العمل في القطاع، مشيراً إلى ضرورة إيجاد حل لتلك المعوقات. وحذر أستاذ الإعلام في جامعة الإمارات الدكتور حسن القايد المؤسسات الإعلامية من الانسياق وراء التوطين الشكلي كما حدث في القطاع البنكي في الدولة، مشيراً إلى أن جامعة الإمارات في صدد إنشاء مركز تأهيل إعلامي للخريجين لرفع الحرج عن كاهل المؤسسات الإعلامية في الدولة عبر مواطن مدرب. واختتمت الوزيرة ميثاء سالم الشامسي اللقاء بنتيجة مفادها ضرورة إيجاد حل لدمج المواطنين في القطاع الإعلامي سواء كان بالتدريب في مؤسساتهم الأكاديمية أو على رأس عملهم عبر أجندة واضحة يتبنى مسؤوليتها المجلس الوطني للإعلام.