الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الدعوة عامة .. والحضور عازفون

الأمسيات الثقافية إضافة إلى المحاضرات العلمية والأدبية وغيرها من الورش التي تهم أفراد المجتمع يحضرها وتشهدها قلة قليلة من المدعوين والحضور، ولا يكون الحضور مناسباً كما يجب أحياناً، لذا قد يتأخر وقت الأمسية عسى الحضور يكون أجمل وأكثر. لكن كما يقال في الأمثال «انتظرتك .. وانتظرتك ولم تأتِ» .. نعم إنه على الرغم من الدعوات والنشرات والإعلانات المصاحبة لتلك الفعاليات والمكتوب أدناها «الدعوة عامة» .. يظل الحضور متأرجحاً، لكنه غالباً يميل إلى القلة. وبنظرة ثاقبة بصيرة .. إذا عُرف السبب بطل العجب، فما سبب عزوف الكثير عن عدم الحضور والاهتمام بتلك الفعاليات المفيدة والتي حُضّر لها واستنفدت أوقاتاً جمّة، علماً بأن أغلب المحاضرين والخبراء يأتون من خارج الدولة كي يشاركوا ويدلوا بآرائهم لإنجاح المؤتمرات والمحاضرات العلمية والثقافية. هذا ناهيك عن أن الخبراء والكفاءات من المواطنين من أدباء وشعراء وكتاب وأكاديميين وأساتذة جامعات يكون لهم السبق في إنجاز وإبداع تلك المحاضرات، لكن مع عتبي الرقيق أرى أحياناً أن الحضور لا يشجع ولا يثلج صدور المحاضرين ولا حتى المنظمين. وحدث مرة أنني قرأت عن محاضرة ما في إحدى الصحف المحلية، استبشرت خيراً واستعددت لأن أكون أول الحاضرين، نظراً لأن المحاضر يمتلك الخبرة وله باع كبير في المعرفة وتدفق الحوار التلقائي الثنائي العفوي .. حقاً إن المنظمين قد أبدعوا وتفانوا في تهيئة أجواء مريحة ومناسبة للحضور من أقلام وكراسات وعصائر ومياه معدنية .. وجاء وقت المحاضرة .. ومضت أكثر من عشر دقائق من دون البدء، لأن عدد الحضور لا يتجاوز أصابع اليدين المزدوجة، ثم بدأت المحاضرة والكراسي خالية .. أخذت أنظر يميناً ويساراً، تارة إلى الأمام وتارة إلى الخلف .. حتى جاء أحد المنظمين واقترب مني وهمس في أذني: هل ترغب في تغيير مقعدك إلى مقعد آخر. أومأت إليه: لا .. لا .. تمتم في خلده، ولا أدري ما كنت سأجيبه، لكنه بحنكته وفطنته لاحظ أنني كالغريب في هذا الصرح الإعلامي، وكأني اليتيم، وأظنه عرف أن التفاتاتي هذه ليست كما تغنى بها عبدالوهاب (حلو اللفتات)، بل هي التفاتات حيرة وتعجب وتأفف من عدم الحضور. لمَ العزوف عن هذه الكنوز التي تهبك عصارة الفكر وخلاصة الإبداع .. وفيها استثمار للوقت الذي هو حياة الإنسان .. لمَ نضيع تلك الفرص الثمينة ونسرف في إنفاق جل الأوقات في مقاهٍ لا تسمن ولا تغني من جوع .. ساعات مهدورة ولو تعلمون ما قيمة هذه الساعات في دول متقدمة مثل اليابان وألمانيا، تراهم ينكبون هم وأبناؤهم فرادى وجماعات على حضور المؤتمرات والمحاضرات الثقافية والورش العلمية في أصنافها كافة. متى نفيق ونستفيق من هدر وضياع الوقت كي نستزيد لتطوير ذواتنا ونعودها على حضور الفعاليات والمحاضرات والندوات العملية والأدبية والثقافية من أجل نهضة مجتمعنا وجيل متحصن بنور العلم؟