الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

نحلم بحقوق واقعية .. لا بتصريحات إعلامية

خلال الأسابيع القليلة الماضية تابعنا في وسائل الإعلام، مؤتمرات موسعة تحظى بغطاء من بعض الحكومات وكبار المسؤولين في بعض الدول، وقيل إن الهدف منها هو تفعيل دور المرأة في مجتمعاتها، وضروة العمل على وضع أسس ومعايير من شأنها زيادة مساحة مشاركة المرأة في كل المجالات، خصوصاً مشاركتها في الحياة السياسية. لا أتصور أن القائمين على مثل هذه الفاعليات يتصورون أننا سوف نصدقها أو نأمل منها نتائج إيجابية، ليس لأننا لا نؤمن بأهمية مثل هذه المؤتمرات، ولكن لأننا نعرف تماماً أنه في ظل التغيرات الأخيرة عبر العامين الماضيين، فإن مثل هذه التصريحات ليست موجهة إلى النساء في بلداننا بل إن مطلقيها لا تعنيهم وضعية المرأة في أي شيء. إنها مؤتمرات من أجل بث دعايات إعلامية موجهة إلى الخارج وليس للداخل، إما بهدف تغيير الصورة السلبية التي بدأت تترسخ لدى الغرب تجاه وضع المرأة في بلداننا، أو من أجل دفع الكثير من الاتهامات التي توجهها منظمات المجتمع المدني والتي تؤكد على أن هناك منهجية ثابتة تهدف إلى إعادة النساء إلى عصر الحريم، أو للحصول على بعض المعونات والقروض التي يمكن أن تحفظ ماء الوجه وتنعش الاقتصاد الموشك على الانهيار في بلدان التغيير. ومن الأمور المثيرة للغرابة أن المجالس القومية للمرأة والممثل المفترض أنه الحقيقي لها، والذي يمثلها في الداخل وفي المحامل الدولية المعينة، لا يذهب إليه من يتشدق برغبته في إعلاء شأن المرأة من أجل التعرف على المشكلات الفعلية للمرأة وما هي أولويات الحلول الواجبة لهذه المشكلات، لكنه بدلاً من هذا يدعوها على هامش مؤتمراته كمشارك وربما غير فعال وليس مرغوباً فيه من الأساس، ولكن الدعوة توجه إليه من قبيل تجميل هذه اللقاءات ومحاولة صبغها بصبغة التعددية. أما أعجب المفارقات التي حدثت خلال الأيام الماضية وتجعلنا نشكك في أي مصداقية لهذه المؤتمرات، أن أبرزها قد تزامن مع تحفظ مصر على سبيل المثال على وثيقة الأمم المتحدة لحقوق المرأة، بدعوى أن هناك بعض البنود مخالفة للشريعة الإسلامية، ولم يتحفظ معها سوى بلدين معروف عنهما تشددهما تجاه المرأة وهي موجودة فيهما في أسفل السلم الاجتماعي. وفقط من باب التنويه وليس التعليق، لقد تم التحفظ على بنود الوثيقة في الثامن والعشرين من شهر فبراير الماضي، بينما مناقشة الوثيقة وتفنيد بنودها بدأت في الرابع من مارس 2013، بما يعني أن التحفظ قد بدأ عليها قبل أيام من طرح بنودها، وهذا يوضح أنه تحفظ من أجل التحفظ حتى لا تحظى المرأة بأية مكتسبات جديدة، وأنه لا علاقة له بأي تعارض مع الشريعة الإسلامية. هكذا تحولت مطالب المرأة، التي لست بصدد تفنيدها، فهي معروفة سلفاً، إلى وسيلة يستخدمها البعض للحصول على مكاسب خاصة بهم، وليست هدفاً أو غاية أو حقاً من حقوق المواطنين التي يجب أن يعملون على إعلائها. هل يعقل أن كل ما يقال عن مخاوف المرأة، في بعض بلداننا العربية، حول المحاولات المستميتة للنيل من حقوقها لا يقابل إلا بالاستخفاف أو الاستهجان أو باعتباره أحد عوامل التهدئة التي يمكن التلويح بها حين الحاجة إلى ذلك؟ للتواصل مع الكاتبة: [email protected]