الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

شمس 1 .. المشروع الحضاري

خطوة رائدة ونوعية تشكل إضافة مهمة إلى مشاريعها الاستراتيجية لتعزيز مقومات نهجها التنموي، خطتها دولة الإمارات العربية المتحدة بتشييدها مشروعها الحضاري للطاقة الشمسية «شمس-1»، والمشروع في جوهره يؤكد ثوابت السياسة التنموية الرصينة للإمارات في إيجاد مصدر جديد للطاقة يعضد من قدراتها الاقتصادية ويؤمن مصدراً بديلاً ومتجدداً للطاقة والدخل الوطني، وذلك ما نتبينه من كلمة صحاب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة في حفل تدشين المشروع، حيث يؤكد «أن مشروع (شمس 1) للطاقة الشمسية المركزة يمثل إنجازاً بارزاً ضمن رؤية دولة الإمارات الرامية إلى تنويع اقتصادها ومواردها من الطاقة. إن المقوم الاستراتيجي لفلسفة المشروع ترتكز على نهج التحول التدريجي إلى الطاقة النظيفة والاعتماد على مصادر الطاقة الصديقة للبيئة وتنويع مصادرها، وتلك ميزة تحسب للإمارات وتجعلها في موقع الحدث الدولي البيئي، وذلك ما يؤكد عليه صاحب السمو رئيس الدولة حيث يشير إلى «أن محطة شمس 1 تعد أكبر مشاريع الطاقة الشمسية المركزة العاملة على مستوى العالم وتسهم في إنتاج 100 ميغاواط من الطاقة الكهربائية النظيفة بما يكفي لإمداد 20 ألف منزل في دولة الإمارات، وأن المحطة تمثل خطوة أساسية في سعي الإمارات إلى بناء اقتصاد متنوع وضمان تحقيق أمن الطاقة على المدى البعيد، وأنها تمثل استثماراً استراتيجياً في مسيرة التطور والازدهار الاقتصادي والاجتماعي والبيئي التي تشهدها الدولة، وأن امتلاك الإمارات القدرة على إنتاج الطاقة المتجددة محلياً يسهم في إطالة أمد الموارد الثمينة من النفط والغاز فضلاً عن دعم نمو قطاع جديد يتمتع بآفاق واعدة». الإعلان عن المشروع كسر نظرية التشكيك في إمكانية جدوى التحول إلى الطاقة الشمسية في الدول العربية على المدى البعيد، حيث تشير دراسة حول «الطاقة والتنمية المستدامة في الدول العربية» صدرت في العام 2004، من أن «توفر الوقود الأحفوري بكميات كبيرة وبأسعار مدعومة في كثير من الحالات في جميع الدول العربية، لايدع إلا مجالاً محدوداً لأي تطوير جدي اقتصادي للطاقة الشمسية» وبأنه «نظراً لغنى المنطقة العربية بالنفط والغاز فلا يتوقع أن تجد مصادر الطاقة الشمسية استعمالات جدية كثيفة خلال المستقبل المنظور حتى العام 2020». المشروع يشكل إنجازاً مهماً في تحقيق مرتكزات مبادئ وأهداف الاستراتيجية الوطنية للبيئة للإمارات التي جرى وضع جزئها الأول «أولويات العمل البيئي - أجندة الحادي والعشرين الوطنية في ديسمبر-1998» وجزئها الثاني «الاستراتيجية الوطنية البيئية- الأهداف والسياسات في نوفمبر 1999» وتشير الاستراتيجية الوطنية للبيئة في محور قطاع الطاقة إلى مؤشرات مهمة في اتجاهات العمل المؤسس لتنويع مصادر الطاقة والتحول الممنهج إلى الطاقة المتجددة والصديقة للبيئة، ويجري وفق تلك المؤشرات معالجة أولوية العمل البيئي لتبني سياسة وطنية للطاقة وحصر الأهداف الموجهة للعمل في مجال كفاءة إنتاج وتحسين الطاقة وخفض التأثير البيئي المباشر لتحويل الطاقة. وفي السياق ذاته يجري معالجة أولويات العمل البيئي للطاقة المتجددة، وتحديد الأسباب المزكية للتحول إلى هذا النوع من الطاقة، وتتمثل في أنها توفر إمداد طاقة آمنة على المدى الطويل، وبأن لها تأثيراً قليلاً على البيئة، وأن الإمارات غنية بمصادر الطاقة الشمسية، وأن هناك إمكانية لتطوير طاقة شمسية لتكون دعماً للبترول، ويجري وفق ذلك تصنيف الأهداف في إنجاز ذلك العمل وتتمثل في متابعة التطورات بما يخص الطاقة الشمسية، وتشجيع أبحاث تطوير الطاقة الشمسية في السوق المحلي وللتمكن من إنجاز الأهداف يجري تحديد سياسات العمل في التشجيع على الأبحاث وتطوير الطاقة الشمسية، وتقديم الإعانات لاستخدام الطاقة المتولدة من مصادر متجددة. زبدة القول، المشروع يرتكز على ثوابت مبادئ العقد الدولي البيئي للتنمية المستدامة، ويساهم في توفير المقومات العلمية المؤسسة للتنمية المستدامة، ويؤسس لثوابت نهج بناء المدينة المستدامة بمواصفات عصرية تضمن تحقيق الأمن البيئي لمجتمع الإمارات، ويشكل المشروع تجسيداً فعلياً لرؤى الشيخ زايد - رحمه الله - في بناء الدولة العصرية المرتكزة على ثوابت وشروط ومتطلبات التنمية المستدامة والمعيشة الكريمة والآمنة لإنسان الإمارات، ويمثل إنجازاً بيئياً وحضارياً بكل المقاييس، وهو مشروع طموح من الطبيعي أن يحصد ثماراً مهمة في تحقيق الطفرة النوعية للمشاريع التنموية والبيئية للإمارات. للتواصل مع الكاتب: [email protected]