الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

تعبت

كنت أود أن أكمل الحديث عن النظام التعليمي، لكن مجموعة من الأشياء الصغيرة اجتمعت في وقت واحد، ولا بد أن أفرغ بعضها في مقال، في الأيام القليلة الماضية رأيت ما يكفي من المقالات والأخبار حول خدمة العملاء وحقوق المستهلك، وقد جاءت في وقتها، اضطررت للتعامل مع شركات تقدم خدمات مع المنتجات، وتجربتي مع هذه الشركات تكررت مرات كثيرة، وأصبح لدي رصيد لا بأس به من الخبرة وحرق الأعصاب. كثير من الشركات تقدم أفضل خدمة في المعرض، تجد البائع الأنيق يعرض البضاعة ويتحدث عنها بالتفاصيل المملة، ويخبرك عن كل تلك الخصائص التي لا تهمك ولا تريدها، لكنه يعرضها على أمل في أن تغريك بشراء المنتج، عندما تقرر الشراء ويطلب هو معلوماتك ورقم هاتفك وعنوان البيت ثم يخبرك بالسعر، فأنت هنا تصل إلى المرحلة الأخيرة التي تنتهي فيها الخدمة الجيدة، وتبدأ فيها تعاسة التعامل مع ورش الشركات، الخاتمة هي نقل أموالك من جيبك إلى صندوق الشركة واستلام الفاتورة، سيودعك البائع بابتسامة، انتهى المشهد الأول. المشكلة تبدأ مع اللغة، عندما يتصل أحدهم من الورشة لكي يأتي بالمنتج الذي اشتريته ويضعه في منزلك ستكون لغته غالباً إما الهندية أو العربية المكسرة، وإن كنت محظوظاً فالإنجليزية العرجاء، وإن كنت حقاً محظوظاً فالإنجليزية، ونادراً ... فقط نادراً قد يتحدث أحدهم العربية، لكن أن يتحدث أحدهم بلغتك الأم هو أندر من لبن العصفور. أتكلم معهم بالعربية فأجد ردوداً مثل «هاه؟ وات؟» ثم يرشون على الجرح ملحاً بقولهم «أنا ما في كلام أرابي»، فأضطر إلى الحديث بالعربية المكسرة المعروفة، وهي لغة أمقتها، لكنني مضطر لاستخدامها ومع ذلك لا فائدة، أضطر للاستعانة بصديق فأعطي هاتفي للسائق لكي يتفاهم معهم، ثم تأتي مشكلة العنوان الذي مهما كان دقيقاً فلن يفيدك أن تعطيه للشركة عندما تشتري المنتج، سيتصل شخص ما من ورشة ما ليسألك مرة أخرى عن عنوان منزلك. ثم تأتي مشكلة المواعيد وهذا ما يحرق أعصابي حقاً، لو كان برود الأعصاب يباع لاشتريت منه ما يكفي فقط للتعامل مع المواعيد، أحياناً تكون مواعيدهم هلامية مثل «السبت صباحاً» أو أكثر هلامية فتكون فقط يوم السبت، انتظر هاتفاً منهم طوال اليوم، وإن أعطوك ساعة محددة فسيتأخرون حتماً عن الموعد المحدد ساعة أو ساعتين، لم أعد أنتظرهم كما كنت أفعل في الماضي، لكن لن أنكر أن الإهمال في التعامل مع الوقت مازال شيئاً لا أستطيع تجاوزه، يغضبني هذا الاستهتار. ثم تأتي خدمة التوصيل والتركيب وأسلوب التعامل الفج، كثير منهم يجدون هذا أسلوباً عادياً، لأنهم اعتادوه في ثقافتهم الآسيوية لكنه لا يناسبنا، هناك فرق بين عامل عربي يعرف طبائع العرب وعاداتهم فيحترم حرمة البيت، وبين ذلك الآسيوي الذي أتى من بيئة مختلفة تماماً. بعد ذلك تأتي مشكلة الخدمة والصيانة، إن كان ما اشتريته تحت الضمان أو لم يكن فلا فرق هنا، الاتصال لإصلاح عطل سيضطرك مرة أخرى لمواجهة مشكلة اللغة والثقافة المختلفة وتقديم عنوان منزلك مرة أخرى والتعامل كذلك مع مشكلة المواعيد، وأضف إلى كل هذا المماطلة، تمضي أيام دون أن يأتي أحدهم وتكرر المكالمات حتى تحرق أعصابك والهاتف، ثم يتكرم أحدهم بزيارة المنزل. أمور صغيرة، لكن لا يمكنني إنكار أنها تتعبني، تعبت من هذه الخدمة الرديئة، شركة واحدة أجدها استثناء من كل هذا، أفضل خدمة وجدتها لديها، وفيها محترفون ويحترمون الوقت، لا أستغرب ذلك فهي شركة أثاث سويدية معروفة وتهتم بسمعتها، وتحرص على خدمة الزبائن، الشركات المحلية لا تهتم بالخدمة، لأنها تعرف أن الزبون ليس لديه أي خيار آخر، كل الخيارات تقدم خدمة رديئة .. فأين المفر؟ للتواصل مع الكاتب [email protected]