السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

لماذا يحتفل غوغل بابن الهيثم

ظهرت الصفحة الرئيسة من موقع البحث العالمي غوغل يوم الاثنين الأول من الشهر الجاري، وهي تضع شعاراً جميلاً يشدك بعلاماته وطريقة تصميمه التي توحي لك أنه من التراث القديم، وعندما تضع المؤشر عليه، يظهر نص مكتوب عليه الذكرى 1048 لميلاد ابن الهيثم، لقد أخذ هذا الموقع العالمي على عاتقة تنفيذ فكرة خلابة وهي احتفاله، تذكيرنا، بذكرى المبدعين والمخترعين وكل شخصية أثرت الوجود البشري، وقدّمت علومها ومعارفها لخدمة الإنسانية. لا أخفيكم أنني عندما شاهدت احتفالية غوغل بابن الهيثم تبادرت لذهني أفكار عدة، لكن الذي تملّك جوارحي نقطتان اثنتان، الأولى تتعلق بالعلماء المسلمين، الذين تنتشر مجسمات لهم في عواصم عربية عدة تقديراً لدورهم العظيم، بينما تفتقر علومنا وكثير من المناهج الدراسية العربية حتى إلى الإشارة إليهم، الجانب الآخر يتعلق بتلك الأصوات التي تنتقد الاهتمام بالتراث، وتعد الجهود في هذا الإطار لا فائدة منها، وأنه عمل لا طائل منه ولا يتواكب مع التطور والتقدم، بينما نجد أن جامعات وهيئات ومؤسسات عالمية في الغرب لا تتردد في إقامة الاحتفالات والندوات بل والمهرجانات، لإحياء القديم وتذكير الناس به، ولعل احتفالية غوغل التعريفية بهذا العالم الجليل خير دليل في هذا الإطار. فالاهتمام بالتراث وبالقديم وبث روحه بين الناس والتذكير بتلك الخطوات الأولى وبكل تلك الجهود العظيمة، ليس رجعية للماضي أو نكوصاً عن التطور كما يزعم البعض، بل إنه اتصال وتواصل، واستقاء للخبرات والبناء على الهمم العظيمة التي فكرت وعملت وشيدت اللبنات الأولى، في منجز يهم البشرية بأسرها. أما بالعودة إلى أبوعلي الحسن بن الحسن والذي عرف بابن الهيثم، فقد ولد في العام 354 هـ 965م، وتُوفي في 430 هـ 1040م، بمعنى أنه عاش 76 عاماً تقريباً، قدّم خلال هذا العمر إسهامات كبيرة في الرياضيات والبصريات والفيزياء وعلم الفلك والهندسة وطب العيون والفلسفة العلمية والإدراك البصري والعلوم بصفة عامة بتجاربه التي أجراها مستخدماً المنهج العلمي، وله مؤلفات ومكتشفات علمية عدة أكدها العلم الحديث، وإليه تنسب مبادئ اختراع الكاميرا، وهو أول من شرّح العين تشريحاً كاملاً ووضح وظائف أعضائها، وهو أول من درس التأثيرات والعوامل النفسية للإبصار. كما أورد كتابه المناظر معادلة من الدرجة الرابعة حول انعكاس الضوء على المرايا الكروية، ومازالت تعرف باسم «مسألة ابن الهيثم». نحن بحاجة إلى تراثنا والتعرف إلى علمائنا خلال الحقب الماضية، لنستمد منهم الثقة والدافع للمزيد من العمل والعلم لحاضر مشرف لبلادنا. [email protected]