الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

ما يجري في مصر مجرد بداية مشجعة

من الصعب التنبؤ بأي سيناريوهات مقبلة في مصر، كل الاحتمالات مفتوحة على كل شيء، خصوصاً أن التحديات أكبر بكثير مما نتوقع جميعاً. ملايين المصريين في الشوارع يضعون خارطة طريق لا تختلف كثيراً أو قليلاً عن تصورات العسكريين والمعارضة والحركات السياسية الشبابية التي شاركت بهمة في إنقاذ البلاد من الفاشية الدينية، والأيام المقبلة لن تبلور فقط جملة من السيناريوهات والتصورات لمصر ما بعد اليمين الديني المتطرف، بل وأيضاً ستبلور خططاً وسيناريوهات لانتشال البلاد من شبح الاحتكاكات الأهلية والطائفية ومواجهة الإرهاب والتهديدات العلنية من الجهاديين والإرهابيين بإجراء عمليات في صعيد مصر وفي سيناء على حد سواء، ويمكن في هذا الصدد مراجعة بيانات الجبهة السلفية والجماعة الإسلامية، وكذلك مراجعة خطابات عضو محفل الإرشاد محمد مرسي، والعديد من قيادات تنظيم الإخوان المسلمين المحظور. من الصعب إجراء أي انتخابات في مصر من دون وجود دستور، ومن الأصعب بعد التجارب المريرة السابقة إجراء أي انتخابات وفقاً لإعلانات دستورية تثير الارتباك والبلبلة التشريعية والقانونية والسياسية وتقضي على أي أمل بالإصلاحات الحقيقية. إن تجربة قيرغيزيا، التي تحدثت وكتبت عنها حتى قبل سقوط نظام مبارك، قادتها السيدة روزا أتونبايفا وزيرة الخارجية القيرغيزية في عهد الرئيس المخلوع (الهارب) كورمان بيك باكييف، تلخصت في خريطة زمنية لمدة ستة أشهر تم فيها وضع دستورين، أحدهما لدولة رئاسية والثاني لدولة برلمانية، وتم الاستفتاء عليه، ثم أجريت الانتخابات التشريعية، وخلال الأشهر الستة التالية تمت انتخابات رئيس الدولة. مصر ليست أقل، وتجربة قيرغيزيا جرت في الفترة من أبريل إلى أكتوبر ٢٠١٠، وخلال ستة أشهر تالية تم الانتهاء من الانتخابات الرئاسية، وقيرغيزيا الآن بقوتها الشعبية والدستورية تطرد القاعدة العسكرية الأمريكية من مطار ماناس حالياً. أثناء الخريطة الزمنية في قيرغيزيا حاولوا توريط البلاد في حرب أهلية في كل من مدينة أوش على الحدود مع أوزبكستان وفي مدينة جلال آباد مسقط رأس الرئيس باكييف المطرود (الهارب)، ونشبت بالفعل اشتباكات شديدة الوطأة بين القيرغيز والأوزبيك، وقام حزب التحرير الإسلامي - الإرهابي بإشعال الأوضاع العرقية والدينية، فقامت السيدة روزا أتونبايفا، التي كانت تقوم بإدارة البلاد آنذاك، بإرسال قوات الجيش والقوات الخاصة إلى مواقع الاشتباكات وخلال ثلاثة أيام قضت على جيوب الإرهاب. ونجحت أتونابيفا في نقل قيرغيزيا نقلة تاريخية، لا الجيش القيرغيزي ولا الداخلية القيرغيزية حاولا التدخل في السياسة أو الحصول على نصيب في الحكم. هذا الكلام كتبناه قبل أيام من تنحي الرئيس المصري السابق حسني مبارك، والآن نعيده مرة أخرى وبشكل مختلف وأكثر وضوحاً ومباشرة لكي نتعلم من التجارب الأخرى للشعوب الأخرى، وفي كل الأحوال يقدم لنا بيان القوات المسلحة المصرية مثالاً مهماً وتاريخياً إذا طبق بالضبط بكل بنوده، فسوف يبقى في التاريخ هو والجيش المصري. [email protected]