الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

بخاخات رذاذ وعبوات مياه لعمال العين.. شباب يواجهون حر الصيف بالصدقات

خلق اللـه تعالى الإنسان مجبولاً بفطرته على مد يد العون بأشكاله المختلفة لأخيه الإنسان، الأمر الذي عززته الديانات السماوية وجعلته واجباً، فيما جعلت من الزيادة منه تقرباً إلى اللـه سبحانه وتعالى تستوجب الثواب وتزيد الحسنات. ومع اقتراب شهر رمضان المبارك الذي يتسابق فيه المسلمون إلى فعل الخير ومع حلول موسم الصيف بحره الشديد، لا تغدو مسارعة الكثير من الشباب وتشجيع الأصدقاء لبعضهم بعضاً على التصدق أمراً استثنائياً على الإطلاق، بل هو السلوك الاعتيادي من شباب يؤدون دورهم الاجتماعي التكافلي، آملين رضا اللـه عنهم وعن أعمالهم. «الرؤية» التقت عدداً من شباب مدينة العين الذين كان القاسم المشترك في صدقات أغلبهم هذه الأيام أنها من نصيب عمال المدينة في الشوارع والطرقات للتخفيف عنهم في مواجهة الحر. وأفاد الموظف في مركز الشيخ زايد لعلوم الصحراء عمرو أبوكحيل 27 عاماً بأنه «لاحظ من مقر عمله الذي يقع داخل حديقة الحيوانات في العين أنه تباع بخاخات رذاذ يدوية صغيرة الحجم وشخصية الاستعمال، بمبلغ 30 درهماً، فخطر له أنها تساعد العمال أو كل من يتطلب عملهم البقاء تحت أشعة الشمس لفترات زمنية غير قصيرة، إذ من السهولة وضعها في جيوبهم، ثم استخدامها برش الرذاذ على وجوههم عند حاجتهم لقليل من الانتعاش». وأضاف عمرو «الشيء الذي شجعني أكثر هو ضرورة أن نوصل للآخرين أن الصدقات لا تعني مبلغاً مالياً نقدياً بالضرورة، بل من الممكن أن تكون جهازاً بسيطاً كهذا البخاخ الذي يصلح أن يكون أداة ترفيهية أيضاً لبساطة استعماله وأناقة مظهره، ومن الممكن أن يقدمه هذا العامل لأولاده في البيت ليلعبوا به عندما يعود من عمله، وهي وسيلة حضارية لنشعر هؤلاء العمال باهتمامنا بهم وتقديرنا لجهودهم في خدمتنا وبأننا لا ننظر إليهم بدونية أبداً». وتابع «بالفعل اشتريت عدداً من البخاخات بشكل فردي ووزعتها كصدقات على بعض العمال، وشرحت لهم طرق استعمالها وآلية ملء الماء فيها، كما شرحت لهم عن مفهوم الصدقة في الدين الإسلامي، لاسيما أن بعضهم من غير المسلمين، ثم نشرت صوراً لها على صفحتي في إنستاغرام وتويتر، لتشجيع أصدقائي وأقاربي على القيام بخطوات مشابهة، فلقيت الفكرة تفاعلاً كبيراً، والبعض من الأصدقاء قام بمساعدة المحتاجين بوسائل أخرى، فيما طلب مني أقرباء وأصدقاء آخرون أن أشتري لهم قطعاً أخرى منها، وقد لبيت طلباتهم بـنحو 150 بخاخ رذاذ حتى الآن في أقل من شهر واحد وفي دائرة ضيقة من معارفي». من جهة أخرى، روى الموظف في القطاع الخاص محمد الكتبي 31 عاماً، أنه ينوي مع عدد من إخوته وأصدقائه المداومة خلال شهر رمضان المبارك على توزيع عبوات المياه والعصائر، وحبات تمر لسائقي السيارات المتأخرين عن موعد الإفطار، أو ممن لا تسمح لهم أوقات وطبيعة أعمالهم بالوجود إلى جانب أسرهم عند أذان المغرب». وأضاف محمد «لا تقاس مثل هذه الأعمال بكلفتها المادية ولا أعتقد أن الصدقة تقتصر على بذل الأموال، فلعل وقوفنا عند الإشارات الضوئية مبتسمين بوجه قائدي السيارات ونحن نقدم لهم عبوات المياه متمنين لهم صوماً مقبولاً وإفطاراً شهياً، يمثل صدقة نؤجر عليها أيضاً». وتابع «بعد انقضاء رمضان الماضي، وكان الصيف مازال مستمراً، فكرنا في تطوير جهودنا وانتقلنا إلى توزيع المياه والعصائر أيضاً على العمال في الشوارع، وكان شعور الرضا والتقدير على وجوههم ينسينا تعبنا وجهودنا التي لا تساوي إلا جزءاً يسيراً من جهودهم اليومية، وأعدنا هذا العام مع بداية الشهر الماضي تنفيذ فكرتنا وتجولنا في أيام عدة بسياراتنا الخاصة في شوارع مدينة العين للبحث عن أماكن المشاريع الطرقية التي يوجود فيها العمال». من جهته، أفاد مدرّس الرياضيات عبداللـه عيد بأنه يقضي عطلة الصيف بتدريس الطلاب من أبناء المعارف مادة الرياضيات بشكل مجاني وتطوعي، لمراجعة معلوماتهم وتركيزها من جهة، ومساهمته بعلمه ووقته لخدمة المجتمع كشكل من أشكال التصدق». وتابع «عمل الخير يجعل المرء يشعر بإنسانيته أكثر ويزيد من رضانا عن أنفسنا، لأننا بالمحصلة أولاد مجتمع واحد ولا يمكن لكل منا أن يستغني عن خدمات الآخرين ويعيش معزولاً أو أن يتوقع مساعدات ممن لا يمد لهم يد المساعدات التي يقدر عليها ضمن طاقته». وأضاف «لو تمحصنا قليلاً بالموضوع لوجدنا أن الكثير من الأعمال غير الشاقة والتي لا تكلفنا سوى القليل قد تشكل فارقاً كبيراً لدى الآخرين، فتشيع المحبة والتآلف في الدنيا وتحتسب في ميزان حسناتنا يوم الحساب».