السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

أهمية التوثيق في حياتنا

لعل من أفضل الأمثلة للتدليل على أهمية التوثيق تكمن في قصة اختراع العبقري صاحب الألف اختراع الأمريكي توماس أديسون للمصباح الكهربائي. حسناً، أديسون لم يخترع المصباح الكهربائي كما يظن أكثرنا، وإنما طورهُ بناءً على تجارب من سبقوه لأكثر من 75 عاماً. ولكن دعونا نركز في مقالنا هذا على أديسون، وأنه فشل تسعاً وتسعين مرة قبل أن يتمكن من التوصل إلى طريقة لإضاءة المصباح الكهربائي، وذلك بعد أن أفرغ الزجاجة من الهواء ثم أقفلها تماماً في العام 1879. لنسأل الآن أنفسنا ما يلي: هل كان يمكن لأديسون أن يتوصل إلى الطريقة الصحيحة لتنفيذ فكرته لإضاءة المصباح الزجاجي لو أنه لم «يوثق» محاولاته الفاشلة ويدرس خياراته الأخرى؟ لي معرفة طيبة بعميد المستمعين محمد صالح بداه، والمعروف شعبياً بـ «أبوعايدة» بحكم طبيعة أعمالنا المشتركة، وهو في الحقيقة لا يألو جهداً في تقديم من المشورة والنصيحة للشباب ما يعينهم على اختراق معترك الحياة، وكان من أكثر ما ينصحني به هو: «لا تغفل عن تدوين أية فكرة تمر بذهنك، فأكثر الأفكار تأتيك عفوية كالومضة، لا تمكث لديك لفترة بل تمر عليك سريعاً لتختفي بعد برهة، فإن أخفقت في تدوينها في حينها سيستعصي عليك تذكرها لاحقاً في خضم هذه الحياة اللاهثة». يقول الإنجليزي فرانسيس بيكون فيلسوف الثورة العلمية في القرن السادس عشر: «المعرفة هي القوة»، ولكنني أراها قوة مجردة لا يمكن أن تصبح قوة حقيقية حتى يتم توثيقها أولاً ومن ثم تسخيرها ودراسة كيفية الاستفادة منها لتحقيق مآربك. صحيح أن المعرفة الضمنية لا تندثر لأنها محفوظة في العقل الباطن ولا تضيع بين غياهب ملايين المعلومات المتراكمة في ذلك المستودع الفكري، ولكنها ليست سهلة الاسترجاع دائماً، خصوصاً في عصر يتسم بوتيرة متسارعة لا يكاد المرء يستوعب فيها ما لديه من معلومات قبل أن تتدفق عليها غيرها من مختلف القنوات، سواء من المصادر التقليدية أو من صيحات العصر الحديث المتمثلة في شبكات التواصل الاجتماعي التي أضحت في متناول جيب كل واحد منا، ومن هنا تتجلى أهمية التوثيق، والتي أسهمت تلك الصيحات في تيسيرها لنا من خلال هواتفنا الذكية. [email protected]