الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

الكرة تجمعنا

تابع العراقيون ومعهم العرب جميعاً ليوث الرافدين وهم يصلون للمربع الذهبي في بطولة العالم للشباب المقامة حالياً في تركيا، وكانوا قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى المباراة النهائية لولا ضربات الحظ الترجيحية التي حرمتهم وحرمت الشعب العراقي من فرحة تاريخية في حصول منتخبها على اللقب العالمي. لا أستطيع أن أخفي أنني كنت سعيداً جداً بالأداء الذي قدمه الليوث في هذه البطولة، وبولادة منتخب جديد قادر على رفع راية الكرة العراقية ثانية بعد الإخفاق الذي لاحق المنتخب الأول في الفترة الماضية، وأن العراق لديه من المواهب الكثير وهو قادر على إنجاب جيل جديد بعد الجيل الرائع الذي أحرز كأس آسيا. لكن بصراحة فرحتي كانت أكبر عندما كانت القنوات الفضائية تنقل أصداء الفرحة العراقية من الشمال إلى الجنوب، عرباً وأكراد، سنةً وشيعة، تخرج بعفوية ويداً بيد، تهتف باسم العراق الواحد، وترفع علماً واحداً، علم العراقيين جميعاً راية الله أكبر. والجميل في الموضوع أن الهتافات التي نسمعها في النجف وكربلاء، هي نفسها التي نسمعها في أربيل ودهوك والأنبار وكل مناطق العراق. لقد أثبت هذا الشعب أنه محب للحياة، وقادر على نسيان كل مشاكله العويصة، وتحدي كل التفجيرات والمليشيات التي تريد له الموت، ليخرج إلى الشارع في كل مرة يفوز بها المنتخب، يحتفل ويرقص ويتحدى الكل، ويعلن للعالم أنه لا يحتاج لأكثر من مباراة كرة قدم لتوحده، فتخرج كل أطيافه يداً بيد، فالفرحة تجمعنا كما هي الأحزان، لأننا شعب واحد مهما اختلفنا ومهما اختلفت مرجعياتنا، لأننا نحمل جميعاً اسم العراق على صدورنا. أخبرني أحد الأصدقاء وهو قادم من بغداد في زيارة إلى دبي، أن الحال في بغداد صعب جداً بسبب الأوضاع الأمنية المتردية والتفجيرات التي تضرب هنا وهناك، إضافة إلى نقص الخدمات المزمن، وحين سألته عن التفجيرات وتأثيرها في تأجيج الصراع الطائفي، أجابني بثقة عالية: عمر .. الناس فهمت اللعبة، كلما يكون هناك خلاف سياسي بين الأطراف السياسية المتنازعة تزداد معه التفجيرات، وفي كل عملية تفجير تزداد أصوات الناس وتعلو لتعلن أنهم براء من هذا الدم، وتحمل المسؤولية كاملة على الحكومة والسياسيين المتنازعين على السلطة، ولو ترك الأمر للشعب لوجدته متحداً كما نراه بعد كل فوز للمنتخب. لا يسعنا إلا أن نقول لهولاء الذين يرون مصلحتهم في قتل الناس وتأجيج النعرات الطائفية، كفى لقد فهم الشعب لعبتكم غير البريئة.