الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

باكستان والصين .. ارتباط تفرضه الجغرافيا والتاريخ

بعدما ظن كثيرون أن حبل الود يكاد ينقطع بين بكين وإسلام أباد، جاء الواقع ليؤكد أن ذلك لم يكن سوى استجابة لضرورات تكتيكية فرضتها أحداث 11 من سبتمبر 2001 والحرب على ما يسمى بالإرهاب. ومنذ توليه رئاسة الوزراء للمرة الثانية، زار رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف الصين كأول رحلة رسمية إلى الخارج، مع الأمل أن تساعد الصين بلاده على تحديث بنيتها التحتية ومعالجة مشاكلها الاقتصادية المتداعية. ويمكن وصف العلاقة الصينية الباكستانية بأنها حتمية وبأنها لا تخضع لأية مؤثرات محلية أو إقليمية أو دولية، بغض النظر عمّن يحكم باكستان من الأحزاب السياسية. تلك رؤية يشترك فيها الجانبان إلى حد كبير وتفرضها حقائق الجغرافيا ويشهد عليها التاريخ وتعززها كذلك المصالح المشتركة، وبغض النظر عن انتماءات الرئيس سواء أكان مدنياً أم عسكرياً، فإن العلاقات الباكستانية الصينية تبقى دائماً علاقات حسن جوار وشراكة استراتيجية. وقد يكون من المهم التذكير هنا أن أول مرة قالت فيها الصين «لا» في مجلس الأمن، وتلك حالات نادرة، مستخدمة حق النقض (الفيتو)، كان من أجل باكستان ضد انفصال بنغلاديش، كما أن خطوط الطيران الباكستانية كانت هي المتنفس الأول أو الوحيد التي تواصلت بكين عبره مع العالم إبان عزلتها الدولية في فترة ستينات وسبعينات القرن الماضي. وإضافة لتصريحات مسؤولي السياسة الخارجية الصينية، التي أكدت احتياج الصين لباكستان في سياساتها الإقليمية، فإن الحليفين يحتاجان إلى بعضهما لاعتبارات تتعلق بالحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي، وكبح أو تحجيم الطموحات الهندية التي تقف في موقف العدو المشترك للطرفين، وهو ما مثل من وجهة نظر العديد من المحللين نقطة ارتكاز استراتيجية في المنطقة. فمن جانب الصين، ترى أنه من دواعي تخفيف حدة التوتر بينها وبين الهند (المشتعل بين الحين والآخر عبر النزاعات الحدودية)، أن تعمل على دعم باكستان في نوع من المواجهة المحكومة، الأمر الذي يقلل من ضغط الهند استراتيجياً على الصين. وعلى جانب آخر، ضمن استراتيجية الدفاع المشترك، فإن الصين كثيراً ما نظرت بعين الريبة إلى الوجود الأمريكي في أفغانستان، بوصفه جزءاً من الاستراتيجية الأمريكية لتطويقها، كما ترى الضغط الأمريكي المتصاعد على باكستان، في إطار الحرب على الإرهاب خطراً يهدد مصالح الصين الاقتصادية هناك، ومحاولة لزعزعة تمركزها الاستراتيجي على شاطئ المحيط الهندي. ومن الجانب الآخر، ثمّنت باكستان ومازالت الدور الصيني باعتباره يمثل حائط صد بالنسبة إلى إسلام أباد في نزاعاتها الحدودية مع عدوها اللدود الهند في ما يخص الصراع الممتد على إقليم كشمير. ومما لاشك فيه أن الصين بحضورها الإقليمي والدولي وبتجربتها الاقتصادية الناجحة وبرصيدها الدبلوماسي المعروف بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، تشكل خياراً صحيحاً للاعتماد عليه بالنسبة إلى باكستان، وكذلك الأمر بالنسبة إلى بكين، فباكستان تقع على خاصرة الصين الغربية الرخوة بمحاذاة إقليم شينغيانغ ذي الأغلبية الأيغورية المسلمة، حيث تنشط بعض المنظمات الانفصالية في الإقليم الذي يشكّل سدس مساحة الصين ويزخر بالخيرات النفطية.