الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

رئيسة لجنة التربية والتعليم في المجلس الوطني الاتحادي الدكتورة منى البحر للرؤية: رفع معدلات التوطين .. ومراكز جديدة لتأهيل المدمنين قريباً

تسهم رئيسة لجنة التربية والتعليم والشباب والإعلام والثقافة في المجلس الوطني الاتحادي الدكتورة منى البحر في وضع برامج وخطط تضمن دعم المسيرة التنموية للدولة، وتلبية احتياجات المجتمع الإماراتي. أكدت في حوار مع «الرؤية» أن المجلس سيعمل في الفصل التشريعي المقبل على وضع برامج ترفع معدلات التوطين، داعية القطاع الخاص إلى الاضطلاع بدوره على هذا الصعيد بالنظر إلى التسهيلات التي توفرها له الدولة. وأبانت البحر أن عدداً من الإمارات ستشهد إنشاء مراكز جديدة لتأهيل مدمني المخدرات، مشيرة إلى أن المجلس سيناقش قضية عزوف الإماراتيين عن ممارسة مهنة التدريس، مطالبة في السياق ذاته برفع أجور المعلمين لاستقطاب الإماراتيين إلى المهنة. وأكدت أن عدد النساء في المجلس يبلغ ست عضوات، تُنتخب منهن واحدة والباقيات معينات، مبدية طموحها مستقبلاً لرفع العدد، ارتقاءً بمكانة المرأة الاجتماعية وتعزيزاً لدورها في شتى الميادين. وثمّنت البحر إنجازات المرأة الإماراتية ونجاحاتها المتراكمة في شتى القطاعات، معيدة الفضل إلى المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه الذي دعم تعليم المرأة، وغيّر صورة المجتمع النمطية حول تدريس النساء. وأوضحت البحر أن تنوع الجنسيات في المجتمع الإماراتي يعد مكسباً مهماً، ولا ينتج ازدواجية في مستوى الثقافة الوطنية، مشيرة إلى أنه يعزز تلاقح الحضارات الإنسانية ويضمن الفائدة المتبادلة للشعوب. وحددت أهم القوانين الصادرة عن المجلس الوطني في قانون مجهولي النسب، الذي يضمن لهم الرعاية بطرق متنوعة، مؤكدة أهمية قانون الشركات التجارية في تشجيع الاستثمار وتوفير البيئة الملائمة له. وتالياً نص الحوار: ÷ هل ترين أن احتواء المجلس على ست نساء فقط يضمن مشاركة فاعلة للمرأة الإماراتية؟ - يبلغ عدد النساء في المجلس ست عضوات، تُنتخب منهن واحدة والباق-يات معينات، ونطمح مستقبلاً إلى رفع العدد، ارتقاءً بمكانة المرأة الاجتماعية ودورها على الصعد كافة. وتمتلك الحكومة رؤية تقدمية ومتميزة للنهوض بواقع المرأة الإماراتية، ما يثبت إيمان القيادة الرشيدة بقيمة الإماراتية وكفاءاتها في شتى المجالات، ولكن لا توازي الفكرة الاجتماعية السائدة حول انتخاب المرأة لمنصب سياسي رؤية الحكومة وجهودها الحثيثة لتمكين النساء من تولي المراكز السياسية الحيوية. ÷ هل يعاني المجتمع قلة الوعي بالقواعد الانتخابية؟ - يخطو العمل الانتخابي خطواته بشكل تدريجي ومرحلي ثابت، وهو أمر طبيعي جداً، إذ يحتاج تعميق الوعي الانتخابي إلى غرس مفاهيم معينة لدى أفراد المجتمع، ما يمتد فترة زمنية طويلة. ويتوجب على الفرد اكتساب الوعي بحقوقه وواجباته، فضلاً عن معرفة مهام المجلس الوطني، ولابد للمرء من الإلمام بتفاصيل العملية الانتخابية وأهدافها. ÷ يعاني قطاع التعليم عزوفاً حاداً في إقبال الإماراتيين على ممارسة مهنة التدريس، كيف يسهم المجلس في معالجة هذه الظاهرة؟ - سنناقش أثناء الفصل التشريعي المقبل قضية عزوف المواطنين عن ممارسة مهنة التدريس، واستطلعنا هموم المعلمين في قطاع التعليم، وتعرفنا عن قرب إلى المشاكل والتحديات التي تواجههم. ÷ ما أسباب عزوف المعلمين والمعلمات عن قطاع التعليم؟ - لا تحظى مهنة التدريس بمحفزات تشجع الإماراتيين، خاصة الشباب على ممارستها، ويفضل الشاب الإماراتي حالياً العمل في الشرطة أو القطاعات الخدمية للحصول على راتب ووضع اجتماعي يلبي احتياجاته. وتفتقد المهنة لمغريات تجذب شبابنا، إذ يقدر أعلى راتب يدفع للمتقاعدين في قطاع التعليم بعشرة آلاف درهم فقط، ولا يكفي هذا المبلغ لتأمين حياة شاب في مقتبل العمر يرغب في الزواج وبناء أسرة وتربية أبنائه في ظروف مريحة. ولا يحبذ الإماراتيون عادة العمل في التدريس لكثرة أعبائه، وفي حال أجرينا استفتاءً على هذا الصعيد أؤكد أن المعلمين أنفسهم سيرفضون التحاق أبنائهم بهذا الميدان مستقبلاً. ÷ هل هناك خطوات إجرائية تسعون عبرها إلى تحسين وضع المعلم في الدولة؟ - نطالب بتعديل وضع المعلمين، وسنناقش أثناء الفصل التشريعي المقبل الإجراءات كافة الكفيلة بتحسن ظروفهم المهنية حتى نتمكن من جذب الكوادر إلى هذا القطاع المهم. ÷ زادت شكاوى المعلمين وطلاب المرحلة الإعدادية من الحجم الكبير لكتاب اللغة العربية وصعوبة المادة، ما ردكم على هذه الشكاوى؟ - كانت المواد في الماضي أكثر صعوبة من الآن، ولا أرى أي مبرر لهذه الشكاوى. ويعتبر العلم جهاداً، ولو لم يجتهد الطالب في دراسته، خاصة أثناء المراحل الدراسية الأولى، فسيكون نصف متعلم، ونحن لا نريد أنصاف متعلمين، خصوصاً مع المسيرة التنموية المتطورة التي تشهدها الدولة في المجالات كافة. وهناك لجان وكوادر في القطاع التعليمي والتربوي تضع هذه المناهج التعليمية وفقاً لدراسات وبحوث دقيقة دون ارتجالية في أخذ القرارات. ÷ هل هناك توصيات بتدريس الطلبة مادة عن خطورة المخدرات إثر انتشارها في المدارس؟ - يعتبر إدمان المخدرات من قبل الشباب قضية اجتماعية وليست تربوية أو تعليمية، فالمشكلة تتعلق بمتغيرات تحصل داخل المجتمع وترتبط بالأسرة ورفقاء السوء، وإذا أدمن الشاب المخدرات داخل أروقة المدرسة يوجد خلل في آلية الضبط والرقابة داخل المؤسسة التعليمية المعنية. ÷ كم تبلغ نسب الشباب المتعاطين للمواد المخدرة حالياً؟ - لا توجد نسب وأرقام محددة حول تعاطي الشباب المواد المخدرة في المؤسسات التربوية، ولكن أنشأت الدولة مراكز تأهيل المدمنين، وهناك برامج وخطط لاستحداث المزيد من المراكز المذكورة مستقبلاً في عدد من الإمارات. ويمثل الإدمان ظاهرة عالمية تعانيها دول كثيرة، ويقع الشاب في فخ الإدمان إذا افتقد الاتزان النفسي والاجتماعي، ولن يسقط الشاب المتوازن الذي يعيش في بيئة اجتماعية صحية وسليمة في استهلاك المواد المخدرة. وظهرت أساليب جديدة لترويج المخدرات وإخفائها وبيعها، إذ تحول إلى حبوب صغيرة بعد أن كان الأمر مقتصراً في السابق على الحشيش والهيروين. وتبذل الأجهزة الأمنية في الدولة قصارى جهدها لمكافحة المؤثرات العقلية حماية للشباب والمجتمع. ÷ ما الحلول التي تقترحونها لتقليص الإدمان ومحاربة انتشار المخدرات؟ - يجب إجراء دراسات وبحوث علمية مستفيضة لوضع برامج علاج علمية قابلة للتطبيق، ولابد من التعرف إلى كيفية دخول ورواج هذه المواد، لأن إخفاءها صار يعتمد طرقاً كثيرة وملتوية. وأرى من الأفضل أن تركز البحوث العلمية على مستوى الفئات الاجتماعية التي تنتشر في صفوفها المؤثرات العقلية، ثم تشخص الأسباب والدوافع التي جعلت الشاب يلجأ لاستهلاك هذه المواد، لنصل إلى لب المشكلة ونضع القوانين والسياسات الملائمة، ولا يمكن أن نستورد برامج علاجية لشبابنا من مجتمعات أخرى مثل بريطانيا أو الولايات المتحدة، لأن خصوصية المجتمع الإماراتي وطبيعته مختلفتان، وتجب مراعاة هذه الخصوصية الثقافية والاجتماعية. ÷ كيف تقيّمون واقع التوطين، وهل أنتم راضون عن معدلاته؟ - يحتوي المجلس على لجنة مختصة في التوطين يترأسها حمد الرحومي، وسنضع أثناء الفصل التشريعي المقبل برامج ترفع معدلات التوطين. ولم تقصر الدولة حقاً في إطلاق المبادرات الداعمة لتوطين الوظائف، ما يعكس حرص القيادة العليا على توفير فرص عمل مناسبة للإماراتيين، ولكن نطالب بتسريع إجراءات التوطين، فبقاء الشاب أو الشابة دون عمل لمدة يوم واحد يعادل هدر الكثير من الوقت. وأؤكد أن المشكلات التي تواجه الشباب والمتعلقة بالإدمان والانحرافات السلوكية ذات ارتباط وثيق بالبطالة، ويضمن توفير الوظائف مكافحة الانحرافات والمشاكل المجتمعية السلوكية، ومن هذا المنطلق يعتبر التوطين قضية مهمة جداً تؤثر في أمن المجتمع واستقراره على المدى البعيد. ÷ ألا يتعارض توطين الوظائف مع استقطاب الخبرات والكفاءات من الخارج؟ - الدولة في حاجة ماسة وملحة إلى استقطاب الخبرات والكفاءات من الخارج لطبيعة الإمارات التي تتسم بصغر حجم المساحة وعدد السكان، لكن يجب أن يكون هناك توازن لا يخل بعملية التوظيف في المؤسسات الحكومية أو الخاصة ضماناً لحقوق المواطن، ولا يوجد تعارض ولكن المهم تحقيق التوازن بين الكفتين بنسب متساوية. ÷ ما دور القطاع الخاص في دعم التوطين؟ - يلعب القطاع الخاص دوراً محورياً في هذا الشأن، لأن الدولة توفر خدمات لهذا القطاع يضمن نموه وانتعاشه، ولا يدفع الخواص ضرائب، لذلك عليهم أن يعززوا مفهوم المسؤولية الاجتماعية تجاه الدولة، ولابد لهم من الإسهام في تنمية المجتمع مثلما يحدث في سنغافورة، لأن الدولة قدّمت لهم الأمان والبنية التحتية اللازمة وشاركت بتسهيلاتها في تطوير أعمالهم. ÷ تضم الإمارات تحت مظلتها كماً هائلاً من الثقافات والجنسيات، هل تخشون من نشوء ثقافة الازداوجية في المجتمع؟ - هذه ليست أول مرة يحدث احتكاك بين الإماراتيين وغيرهم من الشعوب، فنحن شعب ساحلي بمعنى أننا تعودنا منذ قديم الزمان على التعامل مع الإيرانيين والهنود والأفارقة. وعادة ما تتسم شخصيات الناس القاطنين في المناطق الساحلية بسهولة المعشر والتعامل مع الآخر بسلاسة، وهذا هو الشكل الجديد لما كان يحدث في الماضي، ولكن بشكل جديد يتماشى وخصوصية العولمة. وكنت أخيراً في لندن وأثناء تجوالي لم أستمع للغة الإنجليزية في الشارع والمطاعم التي زرتها، وكل ما التقطته أذناي هو مفردات مختلفة من اللغة الإسبانية أو الهندية، وسألت دكتوراً في جامعة أكسفورد عن السبب، فرد عليّ قائلاً إن هذه هي ثقافة العولمة التي تجتاح حياتنا الآن، والأمر نفسه يحصل في الإمارات، ولا يمكن أن ينتج التنوع المجتمعي ثقافة الازدواجية بقدر ما يعزز تلاقح الحضارات الإنسانية ويضمن الفائدة المتبادلة للشعوب. ÷ ما أهم إنجازات المجلس على صعيد إصدار القوانين وتعديلها؟ - أصدرنا عدداً من القوانين المهمة مثل قانون مجهولي النسب، إذ أقر المجلس قانوناً اتحادياً بشأن رعاية الأطفال مجهولي النسب، وأدخل تعديلات على مواد تنظيم شؤون الأطفال مجهولي النسب عبر إنشاء دور رعاية وتأمين أسر حاضنة، فضلاً عن توفير الرعاية الصحية والنفسية لهم وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية. وناقشنا قانون الشركات التجارية الذي يشجع على الاستثمار ويوفر البيئة الملائمة له بمنح خيارات أكبر للشركات التجارية والمستثمرين من ناحية الأشكال القانونية للشركات التي يمكن تأسيسها، ويسمح القانون للشركات بالمساهمة في المسؤولية الاجتماعية بدرجة أكبر. وعادة ما تدرس اللجنة المختصة القانون وتتباحث حوله بشكل دقيق بنداً بنداً، ويستمر عملنا عادة من الساعة العاشرة صباحاً إلى الرابعة عصراً. ÷ حققت المرأة الإماراتية نجاحات وإنجازات كثيرة على الصعد كافة مقارنة بغيرها من النساء في دول أخرى، فما الذي ساعدها على اقتحام جميع المجالات؟ - يعد التعليم المفتاح الرئيس الذي ساعد المرأة الإماراتية على تحقيق النجاحات، إذ غير التعليم المفاهيم المجتمعية المغلوطة. ويعود الفضل على هذا الصعيد إلى المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه الذي دعم تعليم المرأة وغير صورة المجتمع النمطية حول تدريس النساء، وكان لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك دوراً مهماً بدعم مسيرة المرأة الإماراتية ودفعها نحو الأمام. وتحظى المرأة بدعم كبير من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله. سيرة ومسار تشغل الدكتورة منى البحر عضوية المجلس الوطني الاتحادي، وتتولى منصب مساعدة المدير العام للرعاية والخدمات المجتمعية في مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال. وامتدت مسيرتها المهنية لأكثر من 20 عاماً شغلت أثناءها عدداً من المناصب المهمة، تمثل آخرها في مساعدة أستاذ ضمن قسم الخدمة الاجتماعية في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية التابع لجامعة الإمارات. وعملت أيضاً، مستشارة أولاً في مؤسسة الإمارات للنفع العام، واستشارية للعديد من المؤسسات الحكومية. حصلت الدكتورة منى البحر على دكتوراه العمل الاجتماعي في جامعة أوهايو الأمريكية، نالت جائزة موريس كورنل كأفضل باحثة لعام 1997 من الجامعة نفسها. ونشرت البحر كتباً ومراجع كثيرة في مجال اختصاصها. نبذة بدأت مسيرة المجلس الوطني الاتحادي عام 1972، وارتبطت مهمته بتبادل الرأي والمشورة حول مختلف القضايا، فضلاً عن الاستماع إلى مشاكل وهموم المواطنين لتلبية احتياجاتهم. ويمثل المجلس السلطة الاتحادية الرابعة من ناحية ترتيب السلطات الاتحادية الخمس المنصوص عليها في الدستور. وأسهم المجلس أثناء مسيرته في بحث السبل الكفيلة بدفع نسق التنمية المستدامة وتأسيس علاقة متميزة بين السلطات الاتحادية، وعزز المجلس من فاعلية الأجهزة التنفيذية، مع دعم الاستثمار في مجالات التنمية البشرية والبنية التحتية بتطوير آليات المشاركة السياسية.