الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الضحية والأضحية

الضحاء لغة بروز الشيء، فالضحاء: امتداد النهار وظهوره، وذلك هو الوقت البارز المنكشف، ثم يقال للطعام الذي يؤكل في ذلك الوقت ضحاء. ويقال اضح يا زيد، أي أبرز للشمس. وأصله من ضحا: والضحو والضحوة والضحية: ارتفاع النهار، وهو عند ارتفاع النهار الأعلى. وضحوة النهار بعد طلوع الشمس ثم بعده الضحى، وهي حين تشرق الشمس وأضحى يفعل ذلك أي صار فاعلاً له وقت الضحى. وضحى بالشاة: ذبحها ضحى النحر، هذا هو الأصل، وقد تستعمل التضحية في جميع أوقات أيام النحر. وضحى بشاة من الأضحية وهي شاة تذبح يوم الأضحى. والضحية: ما ضحيت به، وهي الأضحاة، وجمعها أضحى يذكر ويؤنث. والضحية معروفة، وهي الأضحية. وقال الأصمعي: فيها أربع لغات: أضحية وإضحية، وضحية، وأضحاة. وقيل: الأضحى مؤنثة وقد تذكر، يذهب بها إلى اليوم. والجمع أضاحي، وضحايا. وسميت الذبيحة أضحية لأن الذبيحة في ذلك اليوم لا تكون إلا في وقت إشراق الشمس. ويقال ليلة إضحيانة وضحياء، أي مضيئة لا غيم فيها. ويقال: هم يتضحون، أي يتغدون. والغداء: الضحاء. وضاحية كل بلدة: ناحيتها البارزة. يقال هم ينزلون الضواحي. * من أحكام الأضحية: الأضحية هي ما يذبح من بهيمة الأنعام أيام العيد تقرباً إلى الله تعالى. وهي عمل عظيم وقربة جليلة، لا تفعل إلا مرة واحدة في السنة، فلذلك تتوق قلوب الصالحين للتقرب إلى الله بها. وهي من شعائر الإسلام المشروعة بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين. والأدلة على ذلك كثيرة معلومة. والأضحية سنة مؤكدة على الكفاية، وليست بواجبة، وهو قول جمهور أهل العلم، ويكره ترك الأضحية مع القدرة عليها، قال أبو هريرة رضي الله عنه: «من وجد منكم سعة فلم يضح، فلا يقربن مصلانا». وقال الإمام أحمد والأضحية أفضل من الصدقة بقيمتها. ويستحب شراء الأضحية قبل وقت الذبح، ويستحب تسمينها، قال أبو أمامة بن سهل «كنا نسمن الأضحية بالمدينة، وكان المسلمون يسمنون». ويكره لمن دخل عليه عشر ذي الحجة وأراد أن يضحي، أن يأخذ من شعره ولا بشرته ولا أظافره شيئاً، وهذا قول مالك والشافعي، وقال أحمد يحرم عليه ذلك، ومن قال بالكراهة لعل قوله أولى. ويدخل وقت الذبح بعد الفراغ من صلاة العيد، وينتهي وقت الذبح في آخر اليوم الثاني، بغروب شمسه من أيام التشريق (يوم 12 ذي الحجة)، هذا قول الجمهور من أهل العلم، ولا بأس أن يذبح ليلاً، فإن فاته وقت الذبح، يذبح قضاءً للواجب. وتجزأ الأضحية من الرجل عنه وعن أهل بيته، هذا قول الجمهور من أهل العلم. وتجزأ البقرة عن سبعة أفراد، والبدنة (الإبل) كذلك. ويستحب للمضحي أن يأكل من الأضحية، ويهدي، ويتصدق، بلا تحديد لنسب ذلك، فالأمر واسع في ذلك. ويستحب للمضحي أن يضحي بنفسه، ويقول وهو يذبح «بسم الله، والله أكبر» وإن زاد «اللهم هذا منك ولك، اللهم تقبل مني، أو تقبل من فلان» فحسن أيضاً. وإن ذبح له أحد كالجزار فلا بأس. وإن وكل أحداً بالذبح له فجائز أيضاً، وليس شرطاً أن يشهد الذبح بنفسه، لكن يستحب له ذلك. ويعطي الجزار أجرته، ولا يعطيه بأجرته شيئاً من الأضحية، فعن علي رضي الله عنه، قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنة، وأن أتصدق بجلودها، وجلالها، ولا أعطي الجازر منها شيئاً». ولا يجوز أن يبيع شيئاً من لحمها، وأما جلدها فيجوز أن ينتفع به هو، وقيل يجوز بيع الجلد، وإن تصدق به فهو أحسن. ويجوز أن يدخر من لحم الأضحية فوق ثلاثة أيام، كما شاء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم «عن جابر بن عبدالله، قال: (كنا لا نمسك لحوم الأضاحي فوق ثلاث). فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتزود منها ونأكل منها يعني فوق ثلاث». * الحكمة الإلهية من ذبح الخروف في العيد: إن من دلائل تكريم الله عز وجل للإنسان أن حرم ذبحه كما يتضح من مشهد فداء دماء أبي العرب سيدنا إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام عندما أسلم سيدنا إسماعيل لأمر أبيه بذبحه ولكن فداه الله بذبح خروف عظيم، كما جاء في قوله تعالى «قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك» فكان التسليم الإيماني لسيدنا إسماعيل بقوله تعالى «إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم». وحكمة الله في ذلك الاقتداء بسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - والتوسعة على الأهل وعلى الفقراء بهذا اللحم والشكر لله على نعمة المال و تكفير السيئات. إذاً يعلمنا ذبح الخروف معاني التضحية في سبيل الله بالنفس والمال وبكل شيء، في حين أمر الله سيدنا إبراهيم الذي لم يرزق بالولد إلا بعد السادسة والثمانين من عمره، ثم يؤمر بذبحه عند بلوغه المئة عام وهو ولده وبكره ووحيده، وفوق ذلك يؤمر بذبحه بيده، فما أعظمه من بلاء استجمع كل معاني التضحية فاستحق شهادة الله واستحق هذا التخليد بهذه العبادة.