الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

مقاربات جذرية تحفز انخراط المواطنين في القطاع الخاص

أثار سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، جدلية أن المفاهيم الراسخة في الذهنية الإماراتية، بأن المستقبل الوظيفي الحكومي أكثر أمناً من القطاع الخاص، تشكل عقبة رئيسة أمام الكثير من المواطنين بشأن الانخراط في العمل بالقطاع الخاص، مؤكداً أن وزارة العمل تعكف على بحث الحلول الجذرية التي من شأنها معالجة هذه التحديات، خصوصاً فيما يتعلق بساعات العمل، والإجازات والنظام التقاعدي، بحيث تكون قريبة مما تقدّمه مؤسسات العمل في القطاع الحكومي والاتحادي. واقترح سموه إنشاء صندوق للتقاعد في القطاع الخاص. وأشار سمو الشيخ منصور بن زايد في الجلسة الحوارية التي عقدت في جامعة الإمارات العربية المتحدة بمدينة العين أمس، ضمن فعاليات الحملة التوعوية لطلبة الجامعات لنشر ثقافة العمل في القطاع الخاص التي تندرج ضمن مبادرة «أبشر»، إلى أهمية المواطن الإماراتي في نهج صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، ومدى حرص سموه على توفير الحياة الكريمة لأبنائه المواطنين، وتعزيز الاستقرار الوظيفي لهم، بما يلبي طموحات الجيل الواعد في خدمة الوطن. ويتبلور هذا المنحى استكمالاً للتوجيهات السامية لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، بشأن مبادرة «أبشر»، لتعزيز مشاركة الكوادر الوطنية في سوق العمل، وتفعيلاً للمحور الاستراتيجي الخاص بالتوجيه والإرشاد المهني. والتأمت الجلسة الحوارية بحضور الشيخ حمدان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والدكتورة ميثاء سالم الشامسي وزير دولة رئيسة جامعة زايد، ومحمد حسن عمران الشامسي رئيس مجمع كليات التقنية العليا، والدكتور علي راشد النعيمي مدير جامعة الإمارات، والدكتور طيب كمالي مدير كليات التقنية العليا، ووكلاء وزارة شؤون الرئاسة، وعدد من ممثلي الجهات المشاركة في مبادرة «أبشر»، ومشاركة ألفي طالب وطالبة من جامعة الإمارات العربية المتحدة، جامعة زايد، جامعة خليفة، وكليات التقنية العليا. وألمح سموه إلى أن لقاءه بالطلبة يتزامن مع بدء الحملة الوطنية للاحتفاء بيوم العلم ورفعه خفاقاً في كل مكان تعبيراً عن حب الوطن وامتناناً لمؤسسي الدولة، الذي يوافق ذكرى تولي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «حفظه الله» رئاسة الدولة، إذ قدم سموه التهنئة لشعب الإمارات متمنياً الخير والصحة للمواطنين والمقيمين. وأبدى سمو الشيخ منصور بن زايد سعادته لوجوده في جامعة الإمارات العربية المتحدة، وافتخاره بالمستوى العلمي الذي وصلت إليه، ولا سيما أنها أول جامعة في الدولة أمر بتأسيسها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وواصل بعد ذلك دعمه اللامحدود للتعليم بأنواعه ومراحله كافة، مُعلياً من شأن الرعاية الاستثنائية التي يحظى بها التعليم على يد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، الأمر الذي خلق جيلاً قادراً على المساهمة في بناء الوطن ومواصلة التنمية. وانضوت الجلسة الحوارية المفتوحة التي تحدث فيها سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان إلى الطلبة، على ستة محاور رئيسة: قيمة العمل في مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة في الماضي والحاضر، ونظرة عامة على الكوادر الوطنية في الدولة، والوضع الحالي لسوق العمل في الدولة، ودور القطاع الخاص في دعم جهود التوطين، ونظرة مستقبلية لسوق العمل في الدولة، ومبادرة «أبشر» وجهود الحكومة في تسهيل انضمام المواطنين إلى القطاع الخاص. وأبرز خلال الجلسة لأبنائه الطلبة مدى أهمية السواعد الإماراتية الشابة في خلق طموحات واعدة، من خلال الانخراط في العمل في القطاع الخاص، الذي يعد مشاركاً مهماً في تطوير الاقتصاد الوطني بالدولة، إذ حققت الإمارات مراكز متقدمة عالمياً في مؤشر التنافسية العالمية، مؤشر الازدهار، وضمن قائمة أكثر الدولة سعادة. وبيّن سمو الشيخ منصور بن زايد أن الفضل في وضع الإمارات ضمن المراكز الأولى، يعود إلى حرص الحكومة الرشيدة في الدولة، من خلال رؤيتها السديدة واستراتيجياتها الاقتصادية المستدامة، على أهمية استثمار رأس المال البشري، بما يحقق تلك الطموحات، مستشهداً بالأقوال المأثورة للمغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «رحمه الله»، التي أوصى فيها بأهمية أن يصنع ابن الإمارات حياته ومستقبله بساعده، مؤكداً أن الدولة تقاس برجالها لا بمصانعها. وأعلى سمو الشيخ منصور بن زايد من شأن مبادرة «أبشر»، منوهاً بأن المواطنين يفضلون العمل في القطاع الحكومي، إذ بلغت نسبة العاملين فيه من المواطنين 80 في المئة، في الوقت الذي يوجد في القطاع الخاص نحو 290 ألف وظيفة في فئة المديرين، و425 ألف وظيفة في فئة الاختصاصيين، ويمكن للمواطنين شغل هذه الوظائف وهم قادرون على ذلك، وطالبهم ببذل الجهود وتجاوز المعوقات للعمل في القطاع الخاص، مُعدداً أسباب إحجام المواطنين عن العمل في القطاع الخاص بساعات العمل، العلاوات، المزايا، والنظام التقاعدي. وحول مبادرة صاحب السمو رئيس الدولة لمعالجة القروض المتعثرة، أثنى سموه على مبادرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، إنشاء صندوق معالجة القروض المتعثرة، وتوفير المقومات كافة التي تؤمن للمواطنين سبل العيش الكريم وتساعدهم على حل المعوقات التي تؤثر في استقرارهم الأسري. وركز على أن هذه المبادرة تشكل مساهمة قيمة في تحقيق أهداف الصندوق من أجل تحقيق الأهداف النبيلة لمبادرة صاحب السمو رئيس الدولة، وتمكينهم من تجاوز التأثيرات السلبية التي سببتها تلك الديون في حياتهم الأسرية واستقرارهم المعيشي، مسترسلاً بأن صندوق معالجة القروض المتعثرة هدفه تحقيق الأهداف النبيلة لصاحب السمو رئيس الدولة، وتمكين المواطنين المتعثرين مالياً في قروض غير تجارية من تجاوز التأثيرات السلبية التي سببتها تلك الديون في حياتهم الأسرية واستقرارهم المعيشي. وأضاف سمو الشيخ منصور بن زايد في هذا الصدد أن إجمالي الطلبات التي بت فيها الصندوق بلغت 2435 طلباً بإجمالي مليار و800 ألف درهم، منتقداً في ذات الوقت البنوك التي وسمها باستغلال المواطنين على نحو مباشر في منحها قروضاً، إذ تصل الاستقطاعات العالية للبعض منها إلى 90 في المئة من راتب العميل المواطن، محذراً من هذه الطريقة التي اعتبرها مخالفة صريحة من البنوك للأنظمة المعمول بها في القطاع المصرفي في الدولة، مشيراً إلى وجوب التصدي لهذه الطريقة التي وصفها سموه بالجشع. ودعا البنوك إلى التحلي بالمسؤولية في منح القروض والالتزام بمعايير الإقراض في الدولة. وذكر أن المبادرة قطعت شوطاً طويلاً في تسوية القروض المتعثرة للمواطنين واستفاد منها الكثير من المواطنين، مؤكداً ضرورة أن يكون المتقدم للحصول على طلب تسوية القرض مستوفياً لجميع شروط تسوية القروض المتعثرة التي وضعها الصندوق، وذلك بالتنسيق مع المصرف المركزي والمصارف الدائنة في الدولة. كما وجّه سمو الشيخ منصور بن زايد خلال الجلسة الحوارية الطلبة بالتوجّه للعمل في القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية، مستدعياً أن الدراسات الأخيرة حول مستقبل سوق العمل، أوضحت أن هناك فرص عمل واعدة ستخلق للمواطنين، لا سيما في قطاعات النفط الخام والغاز الطبيعي، النقل والتخزين، الاتصالات، المؤسسات المالية، الكهرباء والغاز والماء، والعقارات وخدمات الأعمال. وأقر بأنه، ووفقاً للدراسات، فإن ملايين الوظائف ستخلق في التخصصات المالية والتجارية والإدارية، التخصصات الهندسية، الطبية والصحية، وتقنية المعلومات والاتصالات، الأمر الذي يتيح حرية اختيار الأجيال القادمة للوظائف التي ستنمي وتعزز قدراتهم ومهاراتهم الفردية. وأجاب سمو الشيخ منصور بن زايد على أسئلة ومداخلات الطلاب والطالبات، وكان من بينها حول تجربته في العمل مع الوالد الشيخ زايد «رحمه الله»، وتوقعاته من الشباب الإماراتي، فأوضح أن تجربة العمل مع الوالد الشيخ زايد «رحمه الله» كانت ثرية ونوعية، فقد تعلم من الوالد العمل لساعات طويلة وبذل الجهود والحرص على الإنجاز النوعي مهما كان العمل بسيطاً، وأفاد بأن الشيخ زايد «رحمه الله» كان يصطحبهم إلى جزيرة صير بني ياس في العطلات المدرسية، فيعمدون إلى زراعة الأشجار وسقيها بأنفسهم، وذلك للشعور بشعور العاملين وتعبهم، مبدياً ثقته في الشباب الإماراتي، مشيراً إلى أهمية الإرشاد الأكاديمي الذي يوجههم لدراسة التخصصات التي يحتاجها سوق العمل. وعن تقييمه للمراتب المتقدمة التي احتلتها الدولة في المؤشرات العالمية، أجاب سموه بأن النتائج مهمة وتمنح الحوافز لتقديم الأفضل في العمل الحكومي، مبيناً أن الدولة تتطلع إلى أن تكون من بين أفضل خمس حكومات في العالم، وتسعى على المدى البعيد أن تكون الرقم واحد. وتحدث سمو الشيخ منصور بن زايد عن مبادرات صاحب السمو رئيس الدولة لمشاريع البنية التحتية، مشيداً بما تحقق من إنجازات على صعيد المشاريع التنموية، وأشار إلى أن قيمة إجمالي المشاريع التي تم التعاقد الفعلي على تنفيذها بلغت تسعة مليارات درهم، وقيمة إجمالي المشاريع قيد الدراسة أو التصميم أو الطرح بلغت 11 مليار درهم، أما قيمة إجمالي المشاريع التي تم الانتهاء من تنفيذها وتم الاستلام الفعلي لها بلغت ثلاثة مليارات درهم، مشيداً بالقائمين على المبادرة إنشاء لجان من أهالي المناطق التي تحتاج إلى مشاريع تنموية، مقدماً الشكر للأهالي للمشاركة في هذه اللجان والمساهمة في اتخاذ القرارات التي تساعد على تطوير البنية التحتية في مناطقهم المختلفة. وأجاب سموه على سؤال حول دور القطاع الخاص في دعم مشاريع الحكومة، مقراً أن القطاع الخاص يستفيد كثيراً من الحكومة، ويمكن أن يرد هذه الفائدة عن طريق المشاركة في مبادرات توظيف المواطنين وتسهيل برامج التوطين، مطالباً من جهة ثانية بتعزيز ثقافة العمل في القطاع الخاص، وكسر جليد الخوف من العمل في هذا القطاع، وتجاوز الحساسية من المسميات، وهي قابلة للتغيير. ورياضياً، أكد سمو الشيخ منصور بن زايد أن الطموحات لا سقف لها للارتقاء بمستوى منتخباتنا الوطنية، والظفر بألقاب على مستوى القارة الآسيوية والعالم، معرباً عن ثقته باتحاد كرة القدم في الإمارات في تطوير المنظومة الرياضية والارتقاء بها لتحقيق مزيد من الطموحات خلال الاستحقاقات القادمة. وأشاد بالإنجاز الذي حققه منتخبنا الوطني في «خليجي 21» والذي أتى نتيجة الرؤية الواضحة والأهداف المحددة والسعي الدؤوب لتحقيقها، كما أشاد بالتلاحم الوطني الكبير الذي جماهير الإمارات المخلصة التي آزرت المنتخب الوطني، وحولت البطولة إلى عرس وطني سيبقى حاضراً في الذاكرة وجعلت يوماً من نهائي البطولة في البحرين يوماً لا ينسى. وحول نادي مانشستر سيتي الإنجليزي الذي يرأسه، أفاد سمو الشيخ منصور بن زايد بأن الطموحات كبيرة وغير محدوده، وقد حققنا جزءاً منها بالارتقاء بنادي مانشستر سيتي إلى مصاف الأندية الكبيرة التي يمكنها المنافسة على البطولات في إنجلترا وفي أوروبا، لافتاً إلى أهمية الاستثمارات في الرياضة، والتي تعود بالفائدة على الإمارات والعرب جميعاً، ومستشهداً بأن الفريق تألق بصورة لافتة في ظل هذا الاستثمار الإيجابي. وأشار إلى أن العرب من أفضل المستثمرين في إدارة الأموال والاستثمارات على مر التاريخ. وشرح سموه بأن الهدف من توجيه الاستثمارات إلى الدول الغربية هو أن يعرف الجميع العقلية العربية الاحترافية التي تدير استثمارات رياضية ناجحة وإعطاءهم صورة جيدة عن المستثمر العربي، مسهباً «أن هذه الاستثمارات ليست فقط لشراء اللاعبين كما يعتقد البعض، إنما عملنا في النادي على إنشاء أكاديمية لتطوير وتدريب الناشئين على مستوى عالمي وتطوير كرة القدم في مدينة مانشستر خدمة لأهالي المدينة، وتعتبر هذه الأكاديمية فرصة جيدة للنادي لتوسيع نطاق التنمية للاعبين الناشئين، والذي سيُقلِّل في المستقبل من الإنفاق على شراء اللاعبين. وأعرب سمو الشيخ منصور بن زايد عن سعادته وتشرفه بكل الجماهير من الإمارات والوطن العربي لحضور مباريات فريق مانشستر سيتي، وتشجيعه مخاطباً «هذا ناديكم». وكان سمو الشيخ منصور بن زايد وجّه بإطلاق حملة توعوية لطلاب الجامعات لنشر ثقافة العمل في القطاع الخاص ضمن مبادرة «أبشر»، إذ تهدف الحملة إلى تغيير مفهوم القطاع الخاص وتشجيع الطلاب على الالتحاق للعمل في مؤسسات القطاع الخاص. ويأتي الهدف من إقامة الجلسة الحوارية، دعماً من سموه وحرصاً منه بالدفع بالمواطن لمستقبل باهر، والاستثمار بالعنصر البشري بما يحقق الاستدامة والتنافسية الاقتصادية للدولة. وتغيير مفهوم القطاع الخاص لدى الذهنية الإماراتية، فضلاً عن تحفيز الطلاب على الالتحاق للعمل في مؤسسات القطاع الخاص، وذلك تشجيعاً منه لأبنائه الطلبة، ويعد دعم وتطوير هذا القطاع مع مبادرة صاحب السمو رئيس الدولة «أبشر» من العناصر الرئيسة لرؤية أبوظبي 2030.