الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

ستيف .. الذي غيّر العالم

لم يكن ستيف جوبز عالِماً أو أديباً، ولم أجد في كل ما قرأته عنه وشاهدته، ما يشير إلى أنه يحمل شغفاً بالأدب، أو بالفنون إجمالاً، باستثناء إعجابه الكبير ببوب ديلون وفرقة البيتلز، ما جعله يفكر لاحقاً في تنفيذ فكرة معارض الموسيقى في الأجهزة التي يصنعها، ومع ذلك فقد امتلك حساً جمالياً عالياً، وبصيرةً نافذةً استطاعت أن تدرك ما سيغير العالم، من خلال إيمانه الشديد بالجمال وإتقانه لما يفكر فيه ويصنعه. ستيف وازنياك رفيقه، وصاحب الاختراع المدهش الذي أوصل لوحة المفاتيح بالشاشة، كان يعتبر الأمر تسلية شخصية، لكن إلحاح ستيف على تقديم هذا الابتكار في أحد أندية الكمبيوتر، وتصديقه المطلق لما توقّع إمكانية عمله، أنتج لنا الكثير من الابتكارات التي توسطت حياتنا، ممثلة فيما نعرفه اليوم بالكيان العملاق: أبل. من الظلم أن نجعل من جوبز مجرد بائع مهووس بأفكاره، ومؤمن بذاته وقدراته بشكل مبالغ فيه، لقد عرفنا، عبر ما قام به، أن تيسير حياة الناس كان دائماً الهدف وراء الاختراعات التي قدّمها، هذا لا ينحّي شغفه الشخصي، ولا يقلل من تأثيره في منتجاته، كما لا يسيء إليه أن الربح المادي كان هدفاً مهماً أيضاً، لكنه ارتكز دائماً على قاعدة واحدة: ابتكار منتج أنيق، يسهّل على الناس قيامهم بعشرات المهام. بنظرة سريعة على الجوانب التي أثراها بهذه الابتكارات، لم يعد الكاتب مضطراً لحمل الأقلام والورق معه أينما ذهب، ولم يعد التصوير حكراً على من يحمل كاميرا احترافية ويتقن أدواتها، صانعو الأفلام لم يعودوا بحاجة دائمة للانتقال بصحبة فريق متكامل، المبرمجون، رجال الأعمال، المهندسون، الطلبة، المديرون التنفيذيون، جميعهم يستخدمون أجهزته وتطبيقاته، التي كان مجرد تخيّلها قبل عقدين ضرباً من المستحيل، أما الآن، فهي عمود حياة الكثير، بل ومصدر عيشهم وعملهم أيضاً، إذ أصبح هناك ما يعرف بـ «سوق التطبيقات الذكية»، التي فتحت آلاف الفرص للناس، صنعت ملايين الدولارات، وخلقت قصص نجاح مذهلة لأصحابها. مات ستيف وهو في قمة تألقه، ولم يجاوز منتصف عقده السادس، لكنه خلال هذه السنوات استطاع تغيير وجه العالم، إلى الأبد.