الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

إذا كنت في سفينة تغرق

ويليام بلور تسببت شهادته زوراً بالسجن المؤبد لرجل بريء. فيرا كلايثورن، المربية التي تسبب إهمالها في غرق طفل بريء. أنثوني مارستون تسببت قيادته المتهورة بوفاة طفلين بريئين. يتضح أن جميع الحوادث السابقة تتفق في نوع ضحاياها والطريقة المؤثرة التي توفوا بها، لكن ماذا عن الشخصيات ذات الأسماء؟ في حوادث يدرجها القانون تحت بند «القضاء والقدر» إذ لا يمكن معاقبة أي من هؤلاء على عارض حصل بسبب إهمال أو سهو، ما موقفهم؟ ما المسمى الذي يطلق عليهم إن لم يكونوا مجرمين مثلاً؟ وداخل أي إطار يتم تصنيفهم يا ترى؟ كل من الأسماء المذكورة ما هي إلا شخصيات في إحدى أكثر روايات أغاثا كريستي شهرة «ثم لم يبق أحد»، والتي تناقش فيها حوادث القتل التي ينجو أصحابها بفعلتهم ببساطة لأنهم لم يقوموا بالقتل! بمعنى آخر، تناقش الكاتبة قضية العدالة من منظور مختلف وزاوية قد تكون مربكة وبلا إجابات واضحة. من الأسئلة الفلسفية المحيرة أيضاً سؤال زورق النجاة. تخيل أنك قبطان سفينة على وشك الغرق، فمن تختار لينجو من بين ركاب السفينة- وكلهم رجال يجيدون السباحة- إذا بلغ مجموعهم حوالي المئة وخمسين، بينما يتسع قارب النجاة لخمسين راكباً فقط! الإجابات هنا لا حصر لها. البعض يختار الناجين تبعاً لديانتهم أو انتماءاتهم السياسية أو مبادئهم بينما يختار البعض حلولاً أكثر إنسانية، كمن لديهم أبناء وأسر أو الأصغر سناً مثلاً، وقد يميل صاحب الإجابة إلى شيء أكثر عقلانية فيفكر بمن يخدم المجتمع أكثر من ذوي الشهادات والثقافة العالية. يختار البعض أن يكونوا ضمن الناجين بينما يؤمن آخرون أن على مصير الكابتن دائماً أن يتعلق بسفينته فيغرقا أو ينجوا معاً. في رواية أغاثا كريستي يجمع شخص - تبقيه الكاتبة غامضاً حتى آخر صفحة - عدداً من «القتلة الأبرياء» ليقوم هو بتطبيق القصاص عليهم، كما في جميع الإجابات المتعلقة بالسفينة التي تغرق حيث نجدنا نحكم على عدد من الأشخاص بالموت لسبب أو لآخر. في الحالتين، تتحد الغايات الإصلاحية النبيلة فلا تبدو تحت ظلها القرارات المجحفة التي يتم اتخاذها. إذاً، وسط عشرات الدرجات من اللون الرمادي الشبيه بمثل هذه القضايا، كيف السبيل إلى حلول سوداء قاتمة أو بيضاء ناصعة؟ رأيكم يهمني .. [email protected]