الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

شعبيات العيــن .. اكتظاظ وطرق غير معبدة

على الرغم مما تبذله بلدية مدينة العين من جهود وتنفذه من مشاريع في سبيل تحسين واقع الشعبيات وتوفير وصيانة الإنارة والمماشي والطرقات وشبكات تصريف مياه الأمطار والبنية التحتية للشعبيات القديمة، فإن العديد من هذه المناطق تبدو بحاجة إلى معالجة الكثير من قضاياها الشائكة التي تؤشر إلى واقع غير مثالي يجب تداركه. فالاكتظاظ السكاني ضمن مساحات ضيقة، وتحويل منزل إلى أكبر عدد من المنازل ولو على حساب المساحة والتهوية والإنارة وسواها من بديهيات الاشتراطات الصحية، في سبيل حصول المستثمر على أكبر أرباح مالية ممكنة، يعدان سمة مشتركة تتقاسمها تلك الشعبيات. كاميرا «الرؤية» تجولت في بعض شعبيات مدينة العين، ورصدت أحوالها، وكان لنا العديد من الوقفات مع ساكنيها الذين تحدثوا عن مشاكلهم وملاحظاتهم، وأبدوا اقتراحات لتحسين واقع الحال في مناطقهم. تشهد شعبية «عود التوبة» كغيرها من الشعبيات كثافة سكانية، مع كل ما يتبعه ذلك من مشاكل، فنشر الغسيل وتجفيفه خارج المنازل الذي تلاحظه على مدار جولتك مؤشر أولي إلى عدم إمكانية القيام بهذه المهمة داخل المنزل لعدم وجود التهوية أو المساحة أو الإنارة المناسبة. ويوضح عبدالله أسعد، وهو أحد القاطنين في المنطقة «منزلي عبارة عن غرفتين متداخلتين مع منافعهما المقتطعة بمساحة صغيرة للغاية، وليست هناك تهوية طبيعية إلا من خلال فتح الباب، وهو الأمر الذي لا يكون متاحاً في كل وقت بطبيعة الأحوال». ويضيف ابنه محمد أن الأمر لا يقتصر على التهوية فقط، بل يتعداها إلى أشعة الشمس التي لا تتسلل إليهم إلا من خلال شقوق من زاوية السقف بسبب عدم إتقان تصنيع السقف المستعار المنخفض للغاية الذي من الممكن ملامسته باليد بسهولة عند رفعها قليلاً. ويشير إلى أن هذا الوضع غير الصحي قد يكون سبباً مباشراً أو غير مباشر في إصابة الأطفال على المدى المتوسط أو حتى القصير بالسعال وأمراض بالجهاز التنفسي، لا سيما إن كانوا يقضون أوقاتاً طويلة في الداخل. ويتابع «هناك قطعتان من بلاطات سقف المطبخ في منزلهم غير موجودتين، ما يتركهم مع تماس مباشر مع التمديدات السقفية، وهو أمر يعانيه العديد من السكان، في ظل تراخي المستثمر من الإصلاح والصيانة، رغم الاتصال به مراراً». فيما يشير عامر السعد إلى أن الطريقة التجارية وغير المتقنة لإنشاء هذه السقوف تعرّض القاطنين تحتها إلى تسرب مياه الأمطار في بعض الأحيان، لا سيما عندما لا تكون الغرفة من أصل البناء، فيتعذر عليها التمكن من حماية الناس من مطر الشتاء أو حر الصيف بالشكل الأمثل. هذه الأوضاع هي التي تدفع العديد من السكان إلى اغتنام انتهاء شهور الصيف الحارة، لوضع كراسيهم في الخارج والجلوس هرباً من التهوية غير الصحية في المنزل، وهو الأمر الذي لا يريح السيدات المارات في الشارع، وقد يعرضهن لمضايقات بشكل أو بآخر من الجالسين. وتزيد معاناة السيدات أو الأهالي في الشعبيات لكثرة وجود العزاب، والسلوك غير المريح لبعضهم، أو خروج بعضهم مساء بملابس غير لائقة أحياناً. وأوضحت عفراء الزغل، ربة منزل، أنها اضطرت مع أسرتها إلى السكن في الشعبيات، لأن قيمة استئجار المنزل أقل، ولأن خيار الدفع الشهري يكون متاحاً في الشعبيات، بعكس منازل البنايات، إلا أنها تلفت إلى أن عدم اطمئنانها قد يدفعها إلى إعادة التفكير في الأمر. حالات الاكتظاظ السكاني تنعكس سلباً على واقع النظافة رغم توافر الحاويات، وفق ما تؤكده سيدة أخرى، إذ لا تعتبر مشاهدة أكياس قمامة موضوعة إلى جانب أحد المنازل أو تحت إحدى الأشجار حدثاً استثنائياً أو غريباً. وتضيف أنه عند مرورها في المساحات الضيقة الترابية بين الأبنية، ليس غريباً أيضاً أن تشتم روائح سيئة، يتعذر عليها معرفة مصدرها، لكون كل منزل أو بناء مقسماً عملياً إلى الكثير من المنازل الصغيرة، ويقطن فيه العديد من العائلات. وللشوارع قصة أخرى مع سكان الشعبيات، فالتشققات أو عدم التعبيد المناسب حالة أخرى لا تشجع الكثيرين على توغلهم بالسيارات أو وصولهم إلى مناطق معينة في الشعبيات، فضلاً عن الطرق الترابية أصلاً. ويبين مجيد الأنباري، أحد ساكني الشعبيات، أن بعض التمديدات التي من المفترض أن تكون تحت الأرض ظاهرة فوقها، وهو ما أرجعه على الأغلب إلى سوء تنفيذ المستثمرين لعملية تقسيم الأبنية، وهو ما يجعله يوصي أبناءه كثيراً بعدم الخروج أو اللعب أمام المنزل بتاتاً. وعن الحلول والمقترحات لمعالجة هذه الظواهر، أكد العديد من السكان أنه لا بد من إيجاد وسيلة عملية وناجعة لعدم السماح لتسرب العزاب وسكنهم في منطقة واحدة مع العائلات، وفرض السكن عليهم في مناطق مخصصة للعزاب، ومعاقبة مستثمري المنازل المخالفين لهذا الأمر. ويضيف حسين الظاهري أنه من المهم أيضاً أن تشرف الجهات المعنية ومهندسون مختصون على عملية تقسيم المنازل، وعدم السماح بأي تقسيم لا يراعي مخرجه النهائي وجود التهوية والإنارة والشروط الصحية في كل منزل من المنازل. كما طالب السكان بتقنين تقسيم المنازل وعدم السماح باستغلال الباحات الصغيرة لإنشاء غرف المنازل. فيما يعتبر آخرون أنه لا بد من أن تقوم الجهات المعنية بمراجعة شاملة لدراسة جدوى الاستمرار في هذه الشعبيات، في ظل إمكانية إزالتها تدريجياً وتحويل تلك المناطق إلى بنايات حديثة.