الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

مصر وروسيا بين المرتجى والمؤجل

لقد نجحت روسيا في استثمار فشل السياسة الأمريكية لتغيير خريطة المنطقة عبر استخدام التيارات اليمينية الدينية المتطرفة. وكان اللقاء التاريخي (٢+٢) بين وزيري خارجية ودفاع مصر وروسيا أحد أهم الأطر لرسم شكل العلاقات المقبلة. فلقاءات بهذا النمط لا تتم إلا بين دول كبرى، ما يعكس الرؤية الواضحة للسياسة والدبلوماسية الروسيتين تجاه مصر، وبالتالي على مصر أن تدرك ذاتها وحجمها لا بالحديث عن الماضي والمبالغة في الدور والحجم والقدرات. وعلى الجانب المصري أن يخرج سريعاً من مصيدة المبالغة في القدرات، والخلط بين الرغبات والطموحات من جهة وبين القدرات والطاقات من جهة أخرى. إن الطريق الجديد أمام القاهرة الآن، وبعد التقارب المصري الروسي، يتطلب إعادة تشغيل العلاقات بين القاهرة وموسكو على أسس براغماتية تماماً بعيدة عن الكلمات المعسولة عن الماضي والاستغراق في المداعبات الكلامية والطلبات التعجيزية. وبالتالي فتشغيل العلاقات يتطلب بالدرجة الأولى تحديد الملفات المهمة في الاقتصاد والسياسة والأمن والطاقة والعلوم والتقنيات بين مصر وروسيا. وقد يكون التنسيق في الملفات السياسية الإقليمية والدولية أحد المفاتيح التي يمكنها بلورة رؤى مشتركة لبقية الملفات والشروع عملياً في رسمها وتشغيلها. إن الحديث عن السلاح والتعاون العسكري يبدو حديثاً ساذجاً، وكأن مصر على وشك الدخول في حرب إقليمية أو دولية واسعة النطاق، ومن ثم فالحديث عن صفقات سلاح وتعاون عسكري – تقني بشكل موسع بين القاهرة وموسكو سابق لأوانه ومبالغ فيه واستفزازي ليس فقط للخارج، وإنما للداخل الواعي بالقدرات الحقيقية لمصر من جهة وحجم الوجود الأمريكي من جهة أخرى. وعليه، فإن تجييش الرأي العام المصري خلف الماضي بدون أرضية حقيقية قد ينعكس سلباً ليس فقط على العلاقة بين القاهرة وموسكو، بل أيضاً على العلاقة بين الأولى وواشنطن وبقية العواصم الأوروأطلسية. من الصعب إجبار روسيا أو دفعها للإخلال بالتوازن الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط. وبالتالي فلا داعي للحديث عن صفقات سلاح وهمية بين روسيا ومصر تصل قيمتها إلى مليارين أو أربعة مليارات دولار. فهل من مصلحة روسيا الإخلال بالتوازن العسكري في المنطقة؟ وهل مصر بحاجة إلى هذه الخطوة؟ هل مصر قادرة على تسديد أربعة مليارات أو حتى ٢ مليار دولار، ثمن أسلحة روسية؟ إذاً، فمن سيسدد ثمن القمح الروسي لمصر؟ وهل ستقف الولايات المتحدة وحلفها الأوروأطلسي مكتوفي الأيدي أمام أي خطوات من هذا القبيل؟ وهل من مصلحة روسيا إضعاف إسرائيل؟ إن التساؤلات الجوهرية القادرة على رسم ملامح واقعية وحقيقية للعلاقة بين مصر وروسيا هي: ماذا يمكن أن تقدم مصر وماذا يمكن أن تقدم روسيا؟ ما حجم التبادل التجاري بين البلدين، ولصالح من؟ وما قدرات مصر على تصدير منتجات قادرة على المنافسة والدخول إلى سوق العرض والطلب؟ وما الطاقة الاستيعابية لمصر للسوق المصرية في كل المجالات؟ [email protected]