الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

تراثنا وفنونناورسالة الجسمي

يخبرني أحد الثقات من أن أهل الدار (الأولين) أنه كان لهم طقوسهم الخاصة في الاحتفالات والأعياد الدينية والمناسبات الاجتماعية المختلفة، وتتنوع هذه الطقوس بتنوع البيئة الجغرافية المعاشة. فبعض أفراد القبيلة القريبين من البحر كانت لهم احتفالات خاصة بهم وكذلك بعض الأفراد القريبين من الجبل، ودائماً ما تشكل البيئات المختلفة أرضاً خصبة للإبداع في مثل هذه الحالات. ولقد حضرت وأنا طفل صغير إحدى هذه المناسبات ورأيت كيف أن البعض كان يسير وراء الطبل والهبان، وهما من الآلات التي استخدمت على نطاق واسع في الجزيرة العربية والمناطق القريبة منها، وكذلك في بعض القارات الأخرى بالإضافة إلى «الرزفة» وهي تراث الآباء والأجداد، وكانوا حريصين عليها كثيراً، وكذلك فن «العازي» الذي يستخدمه أهلنا على نطاق واسع جداً، بالإضافة إلى بعض الفنون الأخرى من القبائل القريبة منا كندبة الشحوح وغيرها من الفنون. وكان أهل قبيلتنا من الجبال القريبة يأتون بأسلحتهم وسيوفهم، وكان مشهداً مهيباً جداً رأيته وأنا طفل صغير ومازلت أراه. إن تراث الآباء والأجداد مهم جداً وخصوصاً مجال الفنون، فكل بيئة جغرافية لها فنونها الخاصة، وقد تشتهر بيئة بفن لا يوجد في أخرى. وهذا التناغم الفريد كان سراً من أسرار هذه التجمعات القبلية التي شكلت دولة الإمارات العربية المتحدة. لقد شعرت بالفخر وأنا أرى فناننا المحبوب حسين الجسمي وهو يؤدي باحتفالات العيد الوطني المجيد وبحضور أصحاب السمو الشيوخ فن «العازي»، ولقد قدمه للعالم العربي وشهره للعالم بصوته العذب وأدائه الكبير، وكم أحسن فيه فظهر كأنه يؤديه منذ طفولته. وفن «العازي» هو تراثنا الجميل في زمن كان أجدادنا يصولون ويجولون يدافعون عن الحمى والأرض بشجاعة منقطعة النظير، فلا خضعوا لهذا ولا خضعوا لذاك. فن «العازي» وغيره من الفنون رسالة نقدمها للعالم، وينبغي لنا أن نهتم أكثر بمثل هذا التراث، لأن تاريخنا ولله الحمد به الكثير من هذه الفنون والأحداث والمناسبات، وحري بنا أن نقدمه للأبناء والأحفاد وألا يضيع كما ضاع غيره. [email protected]