السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

ماذا لو ..

 بعيداً عن التمنيات الطوباوية، لننحصر قليلاً في أطر الافتراضات ذات الخلفية الواقعية، ونفترض لو أن المعارضة السورية قد قررت من جانبها وقف القتال مع النظام لأغراض حقن دماء من تبقى من الشعب، وإعادة تسيير الحياة بصورة طبيعية، فما الذي سيحدث حينها، وما الحلول السياسية المطروحة، وماذا عساها أن تكون البدائل السياسية، وإلى أي ناحية ستتجه الأوضاع ككل، وهل هناك أي آفاق لتسوية سياسية جادة بحيث «لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم»؟ المؤكد أن الإنسان العاقل السوي لا يرحب بفكرة استمرار تلك الحرب الحاصدة، خصوصاً أنها أخرجت وتُخرج لنا كل يوم أمراء حرب وألوية بنطاقات وتنويعات جديدة، لكن لنفترض أن المعارضة كفّت فعلياً عن تمثُّل دور الخصم وأوقفت مشروعها النضالي، فهل يمتلك أحد أي ضمانات تطمئنها إلى أن النظام لن يعود إلى ممارسة القتل والاعتقال والتهجير فور قرار وقف القتال من جانبها، وإن كان هذا ممكناً فما فحوى هذه الضمانات، ومن يمتلك حق منحها في الأصل، ثم من سيتكفل بقطع عهد على أن النظام السوري لن يكمل مسلسل الاعتقال والقهر لمن اشتركوا في الثورة أو كانوا أحد رموزها؟ حقيقة، فإن ثقافة الأقطاب المتنازعة في سوريا هي حرب من قبل أطراف ضد أطراف آخرين، بعد التعددية الحاصلة على أرضية الأزمة سببه امتدادها إلى وقت أطول مما كان يُتوقع لها، وحتى من أسموا أنفسهم ثواراً كانوا شركاء في تخريب كل المرافق العامة التي تخدم الشعب وإحراق الأرض وأعواناً على الإبادة والتهجير، ومن الصعب في هذه الحال إقناع طرف بالتوقف أولاً. الحكومات المتعاقبة في سوريا جعلت من عدم الثقة أساس التعامل، ثم إن الفأس وقع على الرأس والثورة اتخذت موقعها من الوجدان الشعبي، وفكرة أن تتخلى المعارضة عن سلاحها وترجع للنضال السلمي فكرة انتصرت لها الظروف المأساوية الحالية، رغم أنها ظلت مستحيلة الحدوث في البدايات باعتبارها نوعاً من التقهقر أمام النظام ورجوح كفة قوته، لكنها وإن كانت مبتغاة الآن فلا مجال لتنفيذها، والسبب أن لا أحد لديه ضمانات حقيقية في ما بعد وقف القتال ولا يملك ثقة بصدقية فكرة أن النظام سيتخلى عن أسلوب القمع والقوة، أو أن الأوضاع لن تكون أسوأ مما هي عليه الآن.