الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

السفينة القطرية إلى مثلث برمودا الإيراني

من المؤسف حقاً ما نراه من كمية اللامبالاة التي تنتهجها قطر في سياستها تجاه دول الخليج العربية، واعتمادها سياسة الأذن الصماء متجاهلة رابط الدم وممنية النفس بحياة مستقرة وهانئة بحماية الجيش الجمهوري الإيراني الذي قيل إنه افتتح قاعدة تدريبية في الدوحة مؤخراً. فقيادة قطر تعتقد أنها أمسكت بألجمة القوى التي يعتقد أنها ستكون أليفة لديها في مستقبل الأيام، وأنها استطاعت بعبقرية فذة تجميع الحرس الجمهوري والأسطول الأمريكي على أرض واحدة بعد أن كانا من ألد الأعداء حتى شهور بسيطة مضت. بينما كان الحرس يبحث لحيته الرقطاء عن مكان آمن تلوذ به بعيداً عن أقفاص القانون المطالب بها من كل مكان، لكي تستمر في تعكير الجو السياسي وتقويض الاستقرار العربي في كل منظومة الجامعة العربية ومنظمة الدول الإسلامية. ومن المؤسف أيضاً أنه لم يسمع حتى الآن أي إيحاءات عن توجه إيجابي للحكومة القطرية إزاء ما يحدث، حتى لا يقال عندما نقوم بالدفاع عن أنفسنا إننا قد أخذنا البريء بذنب المجرم، فلا تأييد له ولا انتقاد. إن السيناريوهات كثيرة والخيارات مفتوحة وحق الدفاع عن النفس مشروع، فعندما هدد نورييغا الولايات المتحدة لم تجد مسوغاً واحداً يمنعها من اعتقاله وإيداعه السجن، وكذلك كاد أن يكون مصير الرئيس البوليفي الذي تم تغيير مسار طائرته إلى فيينا بعد الاشتباه بتهريبه المطلوب الأول لأمريكا سنودن، فعند تهديد الكيان والوجود تتقلص الفرصة في حسن النيات وانتظار التعقل. لقد كنا نأمل منذ زمن بعيد أن تكون الأزمة مع الحكم في قطر كالزوبعة في الفنجان وكاختلاف الأشقاء الذي سرعان ما يزول، ولكن أصبح مؤكداً أن الشقيق يعمل جاهداً لوضع السم في الطعام، ويشحذ سكاكينه ليعطيها من يعمل معه لذبح أشقائه. إن السفينة القطرية ماضية بدون ربان يعلم ما يخبئه تلاطم أمواج اللجة له في ظلمات الجهل والطيش والرعونة، ويبدو أن سياستها لم تدرك فقه الضرورات والمبادئ الأساسية للجماعة، أو لم تسمع بمبدأ التقية، ولم تقرأ الأسس العليا لتصدير الثورة، وفتوى أن الأرانب من الحشرات، وكذلك عن فتوى حرمة تساوي أطراف البيضة، لذا فإنه من الجهل بمكان أن تلك السياسة لم تكتف بتربية الأفعى في الدوحة، ولكنها جلبت أفاعي إيران لتبني بيوتها على الضفاف المقابلة للبحرين والسعودية والإمارات من دون أن يكون لطهران أي يد في أي مساءلات مستقبلية. إننا لا يساورنا القلق أبداً بشأن مقدرتنا وكفاءتنا التامة على مستوى المجالات كافة في الدفاع عن أنفسنا وأرضنا ومقدرات أوطاننا وخليجنا. لكننا في حقيقة الأمر نشعر بالحزن الكبير على هذا التحول الدرامي والانشقاق العاصف والعمل المتواصل على شق صف التعاون والتكاتف ليس الخليجي فحسب ولكن العربي بشكل عام، ولأسباب غير واضحة أو معلومة، وليس هناك حسابات يمكن التفكير فيها ليتم ردم الهوة التي حدثت بشأنها، فلم تعمل أي دولة من دول الخليج ضد المصلحة القطرية، كما لم تتدخل في الشأن الداخلي. إننا فقط نحزن على السفينة القطرية التي نراها بأعيينا تبحر حاملة أشقاءنا على متنها وتقودها إدارة أصابها الصمم عن الاستماع لصوت العقل والحق، وتعامت عن رؤية الحقائق التي آثرت أن ترميها في سلة المهملات دون أن تقرأها بعد أن ملأت المساحات لديها فليس عند تلك الإدارة وقت للقراءة. نتألم ونحن نرى أن تلك السفينة المحملة بأهلنا في قطر تتجه إلى مثلث برمودا الإيراني في وقت تعصف الذيبة بمياه الخليج. [email protected]