الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الدوحة في جلباب العقوبات

هل نستطيع القول إن العقوبات الخليجية تستعد، لإلقاء ظلالها على قطر، في الوقت الذي تستمر أزمتها الدبلوماسية مع جاراتها الثلاث، لأنه لا شيء يلوح في الأفق فيما يتعلق بتطبيق بنود الاتفاقيات المطروحة على الطاولة المستديرة في الرياض، ولأكثر من جلسة. المنظومة الخليجية عبارة عن حلقة متكاملة وسلسلة يفترض ألا تقطع، وكيان ترقبه جهات أخرى من صالحها عدم تضخم القارة السداسية التي تشكل بمختلف مواردها وأموالها، تنمية مستمرة ومستقرة، لذا فإن التصدعات لا تخلف سوى زيادة الأطماع، لذا وجب حينها احتواء الخلل وتقييمه وتقويمه. اعتادت دول الخليج أن تطبب بعضها البعض عند أي محنة أو نكبة، والتاريخ القريب شهد عدة امتحانات نجحت فيها دول مجلس التعاون، فغزو العراق للكويت عام 1990 كان درساً للتلاحم والاصرار، لأجل عودة الشرعية للبلاد، وفي 2011 لم تتردد بعض دول الخليج في مد يد العون للبحرين، عندما شكل الإرهاب خطراً على أرضها، فتدخل درع الجزيرة، لحماية منشآت البلاد، لكون هذا الدرع تأسس في العام 1982، بهدف تعزيز التعاون العسكري بين الدول الأعضاء في المجلس. لعلي أعود بالذاكرة للوراء قليلاً، لأقارن الأحداث ببعضها، وإن لم تكن الأدوات متشابهة، فإبان حكم الرئيس الراحل صدام حسين، كان العراق المتمثل بنظامه، يكن العداء غير المستور لدول الخليج، فـ «صدام» كان يرى في نفسه «سيف العرب» الحقيقي الذي ألهب حماسة العرب ورأوا فيه «صلاح الدين» المنتظر، لإنقاذ القدس من براثن إسرائيل، وأنه جامع وحدة كلمة الأمة أجمع، فأخذته العزة بالإثم، فكان لاهور العرب. ما فعله صدام في حق جيرانه على مدى عقد ونيف، جعل بلاده تعيش في عزلة تامة عن العالم، وتلقى عقوبات اقتصادية دولية وحظر على الطيران، واستمر في كبريائه وعناده وإصراره، فلعبت الأحداث بعد الحادي عشر من سبتمبر دوراً مهماً في إنهاء هيمنة حزب البعث على العراق، وخلاص الخليج من التشنج. أعود على ذي بدء وأقول: إن مجلس التعاون الخليجي، حليف يعطي من قوته السياسية والاقتصادية لمن يتعاطى معه، فلا خاسر حينها، لكن ما إن يطرأ العقوق السياسي من الداخل، فإن المنظومة الخليجية تقوم على ردعه، وتجنيب العاق وتجنيب نفسها الضرر الناجم، وقد تستخدم قوة الضغط، لحفظ الأمن القومي بشكل عام. فدول الخليج ليست بحاجة لحدث مجلجل، كي تعالج خلافها مع قطر، لكنها تتعامل مع شقيقتها بالتي هي أحسن، حتى يستقيم اعوجاجها، وتعود إلى ركب القافلة، وهي تنعم بالرخاء والازدهار كما كانت. في ذات السياق، التسجيل الثاني الذي تم تسريبه هذا الأسبوع، المتضمن حوار وزير خارجية قطر السابق (حمد بن جاسم) والزعيم الليبي الراحل العقيد معمر القذافي، والذي أظهر النية المبيتة للسياسة القطرية الخارجية منذ 24 عاماً، لتكون مركزاً استخباراتياً ومعول تنفيذ أجندات، ولا نستطيع أن نجد له تفسيراً إلا أنها (أي قطر) سمحت باختراق الوحدة الخليجية، وللأسف. ما تزال السعودية والإمارات تبديان قلقهما من أن العلاقة الوثيقة بين قطر وجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر والسعودية والإمارات، تبث الفرقة في مجلس التعاون الخليجي، وأن استمرار قناة الجزيرة ببث الإرجاف في مصر، وخروج قيادات من التنظيم على نشراتها وبرامجها، هو محل قلق على قطر أولاً. من جهة ثانية، فإن يوسف القرضاوي، وإن كان قد ابتعد عن منبر الجمعة أو قلل الظهور، إلا أنه ما زال ينطق بالضلال والإرهاب ضد خطة الطريق في أرض الكنانة، خصوصاً بعد دعوته الأخيرة إلى مقاطعة الانتخابات، وشحذ همم أتباع الإخوان بخلق الفوضى، تحت ذريعة ألا رضوخ لما أسموه «الانقلاب العسكري» فدعوته أشبه بالصراخ الذي علا، بسبب شدة ألم الجرح، ولا يعني ذلك السكوت عنه، بل يجب على قطر أن تفعل مطلب إبعاده عن تأزيم المشهد الخليجي. ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية في وقت سابق «أن الدوحة تبحث عن كيفية التعامل مع عقوبات محتملة ضدها، على الرغم من اعتقادها بأن السعودية والإمارات والبحرين سيحجمون عن تصعيد التوترات عقب سحب سفرائهم» لكن في المقابل نرى أن الفجوة قد اتسعت، ما يزيد إمكانية تنفيذ إجراءات جديدة ضدها. [email protected]