الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الإضاءة تفسد «زوان» والنص يكتسي بالرمزية

عرضت فرقة نورس المسرحية من السعودية مسرحية «زوان» ضمن مشاركتها في مهرجان الخليج المسرحي البارحة الأولى. وتحكي «زوان» أسطورة شعبية عن «العين» وهي خرافة أطلقها القدامى، لتبرير اختفاء أبنائهم في عيون الماء المنتشرة في السعودية، وبعد أن جفت تبقى عين «زوان» نسبة لاسم فتاة غرقت فيها. ويحتدم الصراع بين قادة القبيلة على العين، ويتخذون القرار الحاسم بردمها، لتسببها في قتل قائدي القبيلة والطفلة، إلا أن الحقيقة تكمن في أن من قتل قائدي القبيلة هو مستشارهما. وحمل العمل كماً هائلاً من الرموز والدلالات التي أحاطت به وحولته إلى طلاسم من الثيمات المعقدة التي شتت غاية النص والهدف منه، إلى جانب إخفاق المخرج في توظيف الإضاءة ضمن السياق القصصي للعرض بحسب النقاد. وانطوت المسرحية على ثنائيات فلسفية عن تأثير المعتقدات الشعبية «الانثروبولجيا» ودورها في تشكيل السلوك الإنساني للأفراد وتوجيهه، عبر رؤية إخراجية استندت إلى معتقد شعبي معروف بين الناس في شبه الجزيرة العربية. وتأتي المسرحية من تأليف وإخراج ياسر الحسن، واشترك في التمثيل كل من حسن العلي، كميل العلي، والطفلة منار الغانم في دور «زوان»، وإضاءة محمد رؤوف ودراماتوج محمد السبع. ويحمل النص في مدلولاته إسقاطاً اجتماعياً من الدرجة الأولى من ناحية التعاطي مع المرأة في مجتمع ذكوري، إذ تردم العين التي ماتت فيها «زوان» وتهمل، وإسقاط آخر سياسي عن واقع التبدلات القيادية التي تحدث في سدة الحكم والتي ينجرف وراءها العامة من الناس، كما حدث لقبيلة «زوان» وأفرادها المنقادين من دون وعي إلى قادة القبيلة، ووظف المؤلف الإسقاط كضرورة مبررة لنقد واقع آني في زمان ومكان مختلفين. وحاول المخرج ياسر الحسن إيصال رسالة تحمل في طياتها النقد والبعد التأويلي المفتوح على مصرعيه لمختلف المعاني، بحسب قراءة المشاهد للنص. واعتمدت معالجة النص على رؤية حداثية تحمل الكثير من الثيمات الرمزية عقدت الفهم من جهة الديكور الذي اعتمد على الممثلين أنفسهم الذين كانوا بمثابة أيقونات مجمدة للفضاء المكاني يتغيرون بحسب الحديث المتحول بين الممثلين والتصاعد الدرامي للقصة. وأخفق المخرج في توظيف الإضاءة ضمن السياق القصصي للعرض بحسب النقاد، إلا أن المخرج ياسر الحسن أكد في الندوة التي ناقشت العرض صعوبة تحريك الإضاءة على وجوه الممثلين في خشبة المسرح، إذ سعى إلى توظيفهم كديكور متحرك، لذلك لم تشترط الضرورة الإخراجية تسليط الضوء على وجوه المؤدين. وأعقب العرض المسرحي ندوة تطبيقية حضرها مخرج المسرحية والمؤلف ياسر الحسن، وأدارها الناقد فيصل القحطاني، وشارك فيها عدد من كتاب المسرح وممثلين أبدوا آراءهم عن العرض المسرحي. وثمن الحضور جهود فريق العمل، وأكد البعض منهم أن العمل حمل كماً هائلاً من الرموز والدلالات التي أحاطت به فحولته إلى طلاسم من الثيمات المعقدة التي شتت غاية النص والهدف منه. وأكد المشاركون في الندوة أن المخرج نجح في توظيف أدواته على خشبة المسرح، على الرغم من مستوى النص الذي لم يكون متوازياً مع أداء الممثلين، إذ يوحي بتأثيرات مضاعفة على المشاهد، فالفكرة قوية إلا أن الإخراج والضبابية في التنفيذ أفقدها الكثير من مميزاتها، ولا سيما أن الموسيقى طغت على أحاديث بعض الممثلين.