الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

أسواق الأسهم بين الحبتور وفريدمان

لا يحبذ البعض من المستثمرين أو المضاربين التدخل الحكومي لحماية الأسواق المالية في الإمارات، لكن الحال لم يكن كذلك في نهاية العام 2008 عندما انهار بنك ليمان بيرزرز في الولايات المتحدة ليتبعه ما يربو على 100 بنك أمريكي بعد عدة أشهر فقط. وفقد أصحاب المدخرات أموالهم وسط ذهول الجميع، ليقف آلان جريسبان المحافظ الفيدرالي الأمريكي العتيد وينصح البيت الأبيض بضخ أموال جديدة في الأسواق، والدفع بتعويضات هائلة للبنوك الخاسرة لوقف سيل التراجع في مخالفة صريحة لأوامر المرشد الروحي للاقتصاد الأمريكي المعاصر ميلتون فريدمان صاحب العبارة الشهيرة «إن مخاطر التدخل الحكومي أكبر من مخاطر الاعتماد على السوق». ووجد العالم أجمع نفسه أمام أزمة أقوى عدة مرات من الكساد الذي ضرب أرجاء العالم في ثلاثينيات القرن الماضي، وامتدت توابع الزلازل إلى أسواقنا المحلية، ساعتها تعالت الأصوات في الإمارات لوضع قيود على الإفراط في الاقتراض من البنوك المحلية، وأبدى الكثير رغبتهم في مزيد من التحوط تجاه ممارسات البورصة المحلية، وعانت الأسواق من غياب واضح للسيولة، وتدنت قيم التداول إلى مستوى بضع عشرات من الملايين يومياً بعد أن لامست حاجز المليار عدة سنوات متتالية، وانسحبت عدة شركات وساطة من السوق، وأعلن البعض منها عن تجميد الترخيص لأجل غير مسمى، وفر المضاربون إلى أسواق العقار والسلع والمعادن وغير ذلك. الآن عادت أسواق الأسهم الإماراتية لتحقق قفزات سعرية هائلة، وامتلأت قاعات التداول مجدداً بالمستثمرين والمضاربين، وتصدرت أخبار البورصة شاشات التلفاز، وأصبح خبر الساعة وحديث المنتديات والمجالس إلى أين يذهب السعر بالسهم الفلاني والسهم العلاني؟ ونسي الجميع أو تناسى ما حدث قبل سنوات. لكن السؤال الأكثر إلحاحاً الآن: هل التدخل الحكومي لحماية أسواق الأسهم بعد الارتفاعات السعرية الأخيرة ضرورة؟ أم أن التدخل مرتبط بحدوث أزمات تؤدي إلى عواقب خطيرة تؤثر على المصارف والنظام المالي والنقدي برمته، وقد يمتد إلى الاستثمار ومستويات الأسعار والتضخم وعلى صغار المستثمرين الذين يجردهم التلاعب بالأسعار من مدخراتهم ويتركهم تحت وطأة الديون من البنوك التي تمول قروض الأسهم؟ وجاءت صيحة رجل الأعمال الإماراتي البارز خلف الحبتور بأن المضاربات غير الصحية في أسواق الأسهم الإماراتية قد تضر بسمعة الاقتصاد المحلي، وأن ذلك بمثابة خط أحمر يجب أن ينتبه له الجميع، وأننا يجب أن نرفع من مستوى الرقابة على الأسواق منعاً لحدوث أزمات نحن في غنى عنها، ليضع الجميع أمام مسؤولياته، خصوصاً أن النصيحة قادمة من شخص عركته الحياة واكتسب ثروته بالعمل الشاق والكفاح المضني، وأصبح نموذجاً إماراتياً مشرفاً في دنيا المال والأعمال. على المستوى الشخصي أميل إلى مؤازرة الحبتور استناداً إلى تغطية إخبارية للبورصتين المصرية والإماراتية امتدت لعقدين كاملين، تاركاً الخواجة ميلتون فريدمان ليدرس نظرياته لطلابه في هارفارد وإكسفورد عن كيفية خلق الأزمات للشعوب الأخرى، بنظريات تسحر العقول وتسلب الأموال لتعبر المحيط إلى لندن ونيويورك. أشرف أبوالعلا