الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

مشروع حياة .. والله لا يحب المسرفين

«من استطاع منكم الباءة فليتزوج».. حديث شريف. من المعلوم أن الأساس لاستمرار الحياة الزوجية وتناسل الأجيال واستمرار الجنس البشري هو الزواج الطبيعي الذي شرعه الله وتعارفت عليه الأمم شرقها وغربها، ونزلت تعاليمه بالأديان كافة ومنها الإسلام الحنيف، والذي قال فيه الرسول المصطفى محمد عليه الصلاة والسلام الحديث أعلاه، وقال فيه أيضاً صلى الله عليه وسلم «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه». والزواج من أساسيات بناء الأسرة، وهذه عماد المجتمع.. ومن مجموعها تتشكل الدول ومنها تؤسس الأوطان، فإن كان هذا الأساس متيناً بني الوطن عليه، وإن كان ضعيفاً وفيه مصلحة شكل خللاً في البناء وعاد ذلك على بناء الوطن الذي أساس تكوينه الأسرة، أي المحصلة من ذلك الزواج هي الحفاظ على المجتمع الذي يتكون منه الوطن، فإن صلح صلح ما سواه وإن كان بغير ذلك، لا قدر الله، كان بناء هشاً مثل الذي يبني قصره على الرمال. لقد حدد المغفور له بإذن الله الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، مؤسس الدولة وبانيها أصولاً لهذه العلاقة الشرعية بين الرجل والمرأة، ووضع حداً للمهور وغيرها من الأسس التي تبنى عليها أصول الزيجات، فكانت شيئاً رائعاً وجميلاً لعلاقة حميمة لا يدخل في طياتها الجشع والطمع، ولا في ثناياها إرهاق كاهل من يتقدم لخطبة فتاة ناوياً بناء أسرة جديدة يعود نفعها على الوطن وأهله، إلا أن كثراً اليوم لا يلتزمون بتلك الأصول. ونلاحظ أن هناك إصراراً غريباً على استغلال هذه الحالة (الزواج)، رغم أن الدين الحنيف الذي شرفنا الله عز وجل باتباعه والسير على نهج نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم أوصى بتقديس هذا العرف الاجتماعي، إلا أن هناك من يصر على تحميل العريس فوق طاقته وهو في مقتبل عمره، والمفترض أن نعينه لا أن نعين عليه (حفلات تكلف الكثير، وولائم لا نهاية لها، وسفر وثياب مبالغ في أثمانها، وبهرجة لا توصف إلا بالإسراف)، وهو ما نهانا عنه شرع الله الذي نتبعه، ولنا في رسولنا الكريم أسوة حسنة. ويحضر هنا وبقوة الحديث الشريف «من استطاع منكم الباءة فليتزوج»، وكثير من السلف الصالح وأصحاب النبي عاشوا تلك التجربة ومروا من خلال بوابتها، وقد أوصاهم الرسول الكريم بالزواج حيث قال: «تكاثروا فإني مباه بكم الأمم»، لكن هل كان أهل المرأة التي تطلب للزواج يصرون في ذلك الزمن على أن يكون الحفل في الصالة الفلانية، أو لأكون أكثر صراحة وأقول هل بين نسائنا من هي أفضل من بنت رسول الله فاطمة سيدة نساء العالمين، وكان مهرها خمسمئة درهم. وهنا لابد أن نقول إن مجتمعنا يعاني اليوم من استفحال ظاهرة العنوسة، وأغلب الشباب اليوم يعزفون عن الزواج لكثرة المطالب التي تثقل كاهلهم وهم في مقتبل العمر. المفروض أن يعان الشاب لا أن يثقل عليه، فإلى أخواتي: لا تبالغن في المطالب فأنتن أثمن من كل ما يقدم في هذه المناسبة. وإلى أولياء الأمور: بناتكم لسن بضاعة تعرض على من يزيد أكثر، فلذات أكبادكم أَعزوهن بشرع الله، وليس بالمال يعز الإنسان، وإن كان وسيلة فهو ليس غاية. الأمور ما زالت بأيدينا والحلول متوفرة إن صدقنا النية مع الله، ومن يصدق في هذه يصدق بغيرها، والزواج مشروع حياة، والإسراف خطأ فادح قد حذرنا الله عز وجل منه في كتابه الحكيم، ولن ينجح مشروع يبنى أساسه على خطأ، والله لا يحب المسرفين.. راجعوا أنفسكم واتقوا الله في شبابنا.