الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الاستغلال .. الوجه الآخر

تمر في حياتنا الكثير من القصص والمواقف التي نذهل من حجم التجرد من الأخلاق فيها، وفي أحيان يحزننا حجم التنكر والقسوة التي اعترتها، وغني عن القول إن الإنسان يمر في حياته بأوقات صعبة وقاسية فيكون في أحلك أيام حياته ضعفاً وانزواءً، وهو الذي عرف عنه العصامية والعملية والإنتاجية، وبسبب حدث أو ظروف خارجة عن إرادته انهار مستقبله أو جزء منه وتراجع دخله المادي وعاد يرمرم حياته ويبني من جديد.. مثل هذه المواقف كثيرة الوقوع، حيث نسمع عن أناس تقلدوا مناصب كبيرة وحدثت ظروف وتركوها ورضوا فيما بعد بوظائف أقل سواء من حيث المنصب أو حتى الدخل الشهري، وتبعاً لهذا التحول تخلى عن كثير من المميزات الحياتية التي تتطلب صرفاً مالياً، واكتفى بالأساسيات. مثل هذا يحدث في كل مكان من العالم، فهناك رجال أعمال خسروا أموالهم والبعض انهارت شركته وآخرين خسروا وظائفهم لأي سبب، المهم أن تبدل الأحوال والظروف دوماً يحدث وإن بأشكال مختلفة وقصص متنوعة.. الغريب بحق أن مثل هؤلاء تكون القسوة عليهم أكثر وقعاً لأنهم أولاً يصدمون بكثير من الأصدقاء والأحبة الذين تخلوا عنهم، ثم إنهم يصدمون مرة أخرى من صعوبة في تقبل وضعهم الجديد وسط مجتمع يضحك ويستهزئ ويعد إخفاقهم مثالاً وعبرة. هؤلاء أؤكد لكم أنهم يكونون في أكبر مرحلة من الضعف الإنساني، لأنهم يشاهدون لوناً من الحياة كان غائباً عنهم، وهؤلاء في اللحظة نفسها يتعرضون لاستغلال جسيم من بعض أحبتهم ومن أصدقائهم، فتحت شعار المساعدة والوقف معهم تندرج قائمة طويلة من المهام التي يظهر فيها انتهازية مقيتة لوضعهم المادي المتردي، فيتم تكليفهم بأعمال بمهام إضافية ومضاعفة في الوقت الذي يكون المردود المادي متواضعاً أو في غير مستوى العمل. وأتذكر هذا الأثر: «ارحموا عزيز قوم ذل وغني افتقر وعالم ضاع بين الجهال»، وبحق نحن بحاجة إلى مراجعة ضمائرنا وطريقة تعاملنا مع بعضنا بعضاً، فندعم ونساعد دون مقدمات أو حسابات. أتذكر في هذا السياق قصة سمعتها قديماً عن نجار تعرضت ورشته لحريق أتلف معداته وأتى على جميع الخشب وتكبد خسارة عادت به للفقر، لكن أحد أصدقائه وقف معه فبنى الورشة وقام بشراء خشب جديد، فانطلق النجار في عمله وازدهر عمله، وعندما جاء النجار يسدد دينه، قال له صديقة: «ما هي قيمة الصداقة والحب بيننا إذا أخذت منك مالاً». طبعاً هذه قصة وأعتقد أنها خرافية .. دمتم بخير.