الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

رسالة مفتوحة إلى الرئيس المصري

فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية أكتب اليكم اليوم ليس بصفتي صحافياً ولكن بصفتي مواطناً عربياً مهتماً وعاشقاً لمصر وشعبها وتاريخها وحضارتها. بداية، اسمح لي أن أهنئكم وشعبكم والعرب عموماً بمناسبة تنصيبكم وتوليكم رسمياً مقاليد السلطة في مصر، إحدى أكبر دول المنطقة وأكثرها حساسية. ليس سراً أن السنوات الماضية كانت شديدة القسوة على مصر، فقد كان مؤلماً رؤية أحلام وتطلعات الشباب المصري الذي خرج إلى الشوارع عام 2011 أملاً في حياة أفضل وهي تتحطم بفعل حالة الفوضى العارمة، سوء التنظيم وانعدام الرؤية. وكل ذلك أدى إلى فسح الطريق أمام أطماع الاستغلاليين وأصحاب الآيدلوجيات الدينية المدمرة، والتي كان من شأنها – بحسب وصفك أنت يا فخامة الرئيس – ليس فقط أن تزلزل التسامح والمحبة القائمة بين المسلمين والمسيحيين في مصر، بل حتى أن توقع بين المسلمين أنفسهم. فخامة الرئيس .. ليس سراً كذلك أنكم حظيتم بفرصة نادرة لتكونوا رجل لحظة حين تسلمتم مهامكم في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ مصر. وأمامكم فرصة كبيرة لتعيدوا مصر إلى الطريق السليم، وأن تؤمنوا مستقبل وكرامة شعبك وأن تصبحوا في الوقت نفسه نموذجاً للمنطقة بأسرها. ولقد تابعنا يا فخامة الرئيس كلمتكم في حفل التنصيب في قصر القبة، ولا يسعني سوى أن أتمنى لكم حظاً سعيداً في تحقيق ما وعدتم به شعبكم على المستوى الاقتصادي، والاجتماعي والأمني. وأود كذلك شكركم على على صراحتكم حين اعترفتم بأنكم لن تستطيعوا حل كل المشاكل لكنكم لن تتوقفوا عن المحاولة، ودعني أقول لكم إنني أعلم من سيعينكم في محاولتكم وسيسعى معكم إلى إعادة مصر إلى مكانتها الرائدة، إنه .. الشعب المصري. فلا شيء يمكن أن يسرع من آلية الإصلاح ويأتي بنتائج في وقت قياسي سوى الاستفادة من القدرات الهائلة للشعب المصري، وأنا أقول ذلك ليس كمراقب بعيد وحسب، ولكن كشخص حظي بمقابلة بعض من ألمع العقول المصرية في عدد من أكبر المؤتمرات والتجمعات الدولية. وما يميز هؤلاء الأشخاص ليس العقل وحسب، بل القلب، فكل واحد منهم مستعد أن ينزف حتى آخر قطرة من أجل أن تكون مصر أفضل. إلا أن سنوات طويلة من الفوضى و»الواسطة» والفساد دفعت الكثير من أبناء مصر إلى الشعور بالحنق، والعجز والحلم بالهجرة إلى الخارج. لكن الجميل في الموضوع هو أن تغيير كل ذلك ممكن، وما علينا سوى مراجعة مثال كما فعل رجل مثل الوزير نيتيش كومار في ولاية بهار الهندية حين رفع معدل النمو من 3 إلى 16 في المئة خلال ست سنوات وحسب. ما سيعينكم كذلك يا فخامة الرئيس هو أن تفسحوا المجال للإعلام الحر، وهو ما شددتم عليه في خطابكم وما ينص عليه الدستور الذي أصبحت الآن وصياً عليه. أقول ذلك وأنا أدرك أن هناك بعض الصحافيين الذين يحرضون على العنف والكراهية ويبثون الأكاذيب، لكن لا يجب أن يتسبب هؤلاء في حالة من التعميم على الآخرين الذين يريدون حقاً الخير لمصر. كما يوازي هؤلاء سوءاً الصحافيين الذين يطبلون ويهللون لكل من هو في السلطة، فما تحتاجه مصر يا فخامة الرئيس هو صحافة تحاسب المسؤولين الذين ستعينهم حين يخطئون، وذلك بلا شك ما تريدونه أنتم بحيث يبقى كل مسؤول متيقظاً وحريصاً على عمله في كل الأوقات. ولكم منا كل التمنيات بالتوفيق. [email protected]