الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

تحديات المارشال العربي

 تنادى البعض بتسمية البرنامج العربي للدعم ليس لمصر فقط، بل للتنمية المستدامة ونحصد مخرجاتها على المدى البعيد نسبياً بأن يكون تحت مسمى مشروع «النهضة العربي»، استهلاك المسمى أدى إلى المضي في تحديد الغاية من الدعم العربي، وأن تكون تجربة «مارشال» التي أنتجت الاتحاد الأوروبي هي الجوهر لتشاؤم البعض من كلمة «النهضة» والرغبة في الدقة ووضوح الغايات. ولأن الشهية مفتوحة للحديث عن التنمية والإصلاح وتحجيم البطالة ومواءمة مخرجات التعليم لسوق العمل، يعد ما أطلق من مبادرة خليجية في مجلس التعاون عام 2011 وسماه البعض «مارشال خليجي» موجهاً للارتقاء بمحاور تنموية في البحرين وعمان وعقد المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي في المنامة للوقوف مع البحرين وتقديم الدعم، مع تأكيد قادة الإمارات والسعودية أن أمن واستقرار البحرين جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار بلادهم. ولكون دول المجلس تمتلك وفرة مالية بناتج قدّر متوسطه خبراء بنحو تريليون دولار، والفوائض المالية تتجاوز التريليون ونصف التريليون دولار، بالتالي تمكنت من تمويل مشروع مارشال الخليج، لكن التكتم من جانب وعدم تناول ومتابعة الإعلام لمستجدات وانعكاسات هذا التمويل تحول بيننا وبين تقييم التجربة الخليجية، الأمر الذي ينقل القلق إلى التجربة المارشالية الخليجية المصرية والتجربة المارشالية العربية. ولأنني متفائلة بالتحول، فحصت رد الفعل المصري على الخطة التي وافقت عليها دول الخليج لتمويل الاقتصاد المصري، ومن جانب آخر أطروحات اقتصادية خليجية، تشخص البيئة الاستثمارية المصرية وتعتبرها طاردة نتيجة البيروقراطية والبنية التحتية المتخمة بعقود من الرتابة والفساد والترهل. المخاوف المصرية تنبع من خشية غياب الندية مع المستثمرين القادمين إلى مصر، واحتمالية تقديم تنازلات تنتقص من الكرامة أو تحط من قيمة الأراضي المصرية، مع خشية التساهل في تقديم الخدمات أو التسهيلات بلا ضوابط تضمن الاستمرار في العمل والاستثمار دون استغلال للأراضي في غير الهدف المخصص لها. رغم القناعة بأن الاستثمارات العربية والخليجية خصوصاً والاستثمارات بشكل عام ستحقق أرباحاً طائلة في مصر. والمفترض أن يتم التركيز على الناتج من الزخم والتكتل العربي، والمقومات والإرث التاريخي، وتنمية قطاعات مثل السياحة والموانئ، وغيرها من المزايا التنافسية من خبرات وموقع جغرافي متميز تجعل العرب لو اتخذوا قراراً تجاه بعض المشروعات البينية المشتركة مع مرونة وتسهيلات وقوانين حديثة ومعاصرة، فستكون الفائدة بعوائد ذات جدوى تنعش شرائح واسعة على المستوى العربي. تحديات المارشال العربي تكدست لعقود ولا يحلها سوى الإرادة والسقف الزمني والتقييم، وهذا ما جعل التجربة الإماراتية بهذه العوامل تعد الأبرز في المنطقة لحرقها المراحل، ولعل استلهامها يحمل الأمل بالتغيير المثمر الإيجابي لإنجاح التجربة العربية.