الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

كل رمضان وأنتم بخير

اليوم الأول: مكعبات لحم خروف، مكدوس وسلطة خضار وشوربة عدس مع عصير فراولة وبطيخ ومكسرات للفطور، والسحور فطائر جبنة ومهلبية. اليوم الثاني: رز برياني وسمك بوري مشوي وشوربة خضار مع عصير برتقال ومكسرات للفطور، والسحور فطائر زعتر وأم علي وحليب طازج. اليوم الثالث: رز بالكاري ودجاج بروستد وتبولة وشوربة فطر مع عصير مانجو وشمام وبقلاوة للفطور، والسحور معكرونة بالبشاميل مع بسبوسة وحليب. اليوم الرابع: ثريد، دجاج بالفرن وسلطة خضار وشوربة دجاج مع عصير ليمون وسلطة فواكه للفطور، والسحور فطائر سجق مع كنافة ولقمة القاضي. اليوم الخامس: كفتة، كبة مقلية وسلطة بقوليات مع عصير أناناس للفطور، والسحور قطايف بالجبنة والعسل مع حلوى تفاح. اليوم السادس، اليوم السابع، اليوم العاشر .... إلخ. ليست هذه قائمة طعام صحي مقترحة لمرضى السكري أو ارتفاع ضغط الدم والأشخاص الذين يعانون التهاب القولون، كما أنها ليست قائمة أعدها مطعم متخصص بإعداد وجبات الإفطار والسحور خلال شهر رمضان المبارك، بهدف اجتذاب زبائنه من عشاق الوجبات الخفيفة، بل هي نسخة من قائمة حقيقية أعدها أحدهم قبل أكثر من شهرين من حلول شهر رمضان المبارك وأمر زوجته أن تدرس تفاصيلها جيداً، وأن تحدد احتياجاتها من المشتريات، بهدف توفيرها قبل مدة كافية وتكديس الثلاجة والمطبخ والمستودع بالمواد الغذائية المطلوبة، لصنع هذه الوجبات والحلويات والعصائر والمشهيات والمقبلات، استعداداً للشهر الفضيل. أما الذي دعا لإعداد القائمة التي تمتد كي تغطي ثلاثين يوماً هي أيام شهر رمضان والاستعداد المبكر لهذا الحدث الجلل، فهو ليس حسن التدبير المالي، أو دافع الكرم والرغبة في إكرام الضيوف والجيران كما قد يتبادر لأذهان البعض، بل يوجد سبب آخر أشد غرابة من إعداد قائمة بهذا التفصيل الدقيق لوجبات رمضان، وهو أن صاحبنا قد اعتاد أن يفعل ذلك عند اقتراب شهر رمضان من كل عام، تفادياً للمشاكل والخناقات التي تدب عادة بينه وبين زوجته، بسبب الخلافات على أطباق الطعام التي يرغب الرجل في تناولها خلال أيام الصوم، والتي تشغل حيزاً من اهتمامه وتفكيره أكبر مما يشغله أمر الصوم نفسه أو مغزى هذه الفريضة والعبادة.. وهي الخلافات والشجار الذي تكرر كثيراً وسمع بها الأقارب والجيران، ما دعاهم إلى التدخل أكثر من مرة، لفض النزاع وتهدئة الوضع، مذكرين الرجل بآداب الصوم ومرددين على الدوام (استهد بالله يا رجل .. قل اللهم إني صائم .. لا تجرح صيامك يا أخي) ورغم ذلك يستمر الرجل في تقريع زوجته وكيل السباب والشتائم ودمغ الزوجة المغلوبة على أمرها بأقذع الصفات واتهامها بالخروج عن طاعته وتعمدها استفزازه لا لشيء سوى أنها نسيت هذا الحساء أو ذاك المشروب أو تلك السلطة. ولا يستقر الوضع إلا بعد أن يطفئ الرجل سيجارته الثالثة وقد أفرغ بجوفه لترين من العصير وستة أقداح من القهوة قبل آذان العشاء !! لسنا بحاجة للتذكير بحكمة الصوم، وفضائل شهر رمضان الكريم على المؤمن، وحاجة المؤمن خلال شهر رمضان الكريم إلى التقرب إلى الخالق عز وجل بالعبادات والطاعات والصدقات، وطلب المغفرة ومحو الذنوب والخطايا والآثام، وتفادي المزيد منها بالبعد عن التشنج والتوتر وإطلاق السباب والشتائم، فخطب الجمعة والمساجد تذكر بهذا باستمرار .. بيد أنه من فوائد الصوم الصحية والروحية والنفسية أن التقليل من الطعام والشراب والتدخين والمنبهات يعيد بناء وترميم صحة الجسد وتطهيره من الكثير من الشوائب المؤدية للمرض، كما يعيد التوازن النفسي والروحي للصائم ويعمر وجدانه بالسكينة والهدوء والطمأنينة، ويساعده على التفكير بشكل سليم والتصرف بعقلانية، وكل ذلك كفيل بأن يعيد إلى الأسرة هدوءها واستقرارها وسكينتها وألفتها، وكل رمضان وأنتم بخير.