الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

أكذوبة الدعم وواجبات الشعوب

اتهم المالكي في تصريحاته السعودية بدعمها داعش ومساندتها لها بالمال والسلاح، لكن لا يخفى على أحد مدى خبث مثل هذه التصريحات ونياتها المغرضة، فداعش في الحقيقة ليست بحاجة إلى أموال السعودية كي تقف على أقدامها أو تستجمع قوتها، ولمن لا يعلم فإن ميزانية داعش في سوريا والعراق تعدت المليار دولار بحسب تقارير الاستخبارات الأمريكية، وبحسب التقارير ذاتها فإن داعش تحصل على المال من خلال بيعها للنفط في مناطق الشمال السوري، إذ إن هناك اتفاقية بين الطرفين تبيع بموجبها داعش النفط للحكومة السورية، وبحسب التقارير الاستخبارتية أيضاً فإن داعش استولت على الأموال في بنوك الموصل أثناء احتلالها لها. وهذا يعني أن داعش أصبحت غنية ومن الممكن أن تديّن دولاً من أموالها، وهي ليست بحاجة لدعم كهذا، ثم إن السعودية يستحيل أن تقدم يد العون لحركة تصنفها كإرهابية أصلاً كما يستحيل أن تطعن أشقاءها من الخلف وهي التي عرفت بمواقفها الأصيلة والمشرفة دوماً تجاه الدول العربية والإسلامية ككل. يمكن للجميع أن يلمس مدى ما عانته شعوب العراق وسوريا من توسيع نطاق هذه الحركة ومدى ما جرته عليهم من ويلات، والسعودية بأياديها البيضاء لم ولن تسمح بامتدادها أكثر، لكن تبقى البقية الباقية على عاتق شعوب هذه البلدان لإخراج أنفسهم من حمامات الدم المستمرة ومن استنزاف الوجود البشري ومن هذه المآسي التي تغرق فيها منذ سنوات ليست بالقليلة. إن هذه الشعوب في الواقع بحاجة إلى ثقافة هائلة من التسامح، ثقافة تخرج من كهوف الأشخاص ومقابرهم وتنطلق نحو آفاق الحياة الرحبة بما هو حق للجميع وبما هو القيمة العليا في سلم القداسة، ومن ثم منع رجال الدين على اختلاف مذاهبهم وعقائدهم من التدخل في الشأن السياسي وخلط الأمور ببعضها لمصالح خاصة، ومنع صرف أي قرش في المشروعات المذهبية أو كل ما من شأنه تقوية وجودها وإحياؤها. أيضاً هي بحاجة لحل الجيشين العراقي.. وكذلك السوري الذي كلف مليارات الدولارات وكان على مدى التاريخ بؤرة طائفية تستجلب شذاذ الآفاق واغتصابهم للسلطة بقوة السلاح، وهم بحاجة كذلك لإشراف دولي على الموازنات هناك بحيث تخصص تلك الموازنات للمشروعات الاقتصادية والتنموية في كل المناطق بالتساوي بشكل تتمكن معه من التأسيس لبنية تحتية متماسكة وقادرة أن تكون رافعة للاقتصاد، وعندها سيتعلم العراقيون والسوريون من تجاربهم معنى العيش بسلام في دول مدنية تضم الجميع باختلافاتهم تحت كنف الوطن وبعيداً عن أي تأثير من حركات دينية.