السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الصائمون في الغربة

هل جربت أن تعيش أيام رمضان الـزاكـــــيـة وأن تستمـــــتع بليــالــيه العطرة في أحد بلاد الغربة بعيداً عن أهلك ومفتقداً أغلى أحبابك؟ وهل أجبرتك ظروف العمل أو مشاغل الحياة أو قسوة العيش أن تغادر بلدك في أيام رمضان المباركة لتعيش في إحدى الدول طقوساً رمضانية تختلف كلياً عن تلك التي اعتدت عليها في بلدك؟ هل وقعت ذات يوم تحت وطأة مرض مزمن ـ سلمنا الله وإياكم من شرور الأمراض المزمنة - فأجبرك هذا البلاء أن تعيش شهر الصوم بأكمله تحت برنامج علاجي صارم في أحد مستشفيات أوروبا، فتصبح وتمسي بين الأجهزة الطبية لتنعزل بذلك عن كل ما يذكرك بروحانية الشهر الكريم فيفتقد قلبك ومعه جوارحك لذة الشهر الفضيل؟ أو هل أجبرتك السنون وطموح الدراسات العليا أن تهاجر من بلدك قاصداً إحدى الجامعات الأوروبية العريقة لتستكمل فيها دراساتك العليا ويمر عليك رمضان تلو رمضان بطقوس مغايرة تماماً عن تلك الأجواء العائلية التي اعتدت عليها في بيتك وبين أهلك وإخوانك؟ قد لا تكون أنت أحد هؤلاء، وبالتالي فأنت لا تملك أدنى فكرة عما يقاسيه الصائمون في الغربة، فأحدهم قد يفطر بعد غروب الشمس في إحدى محطات القطارات، وآخر يضطر لمضغ علكة في قاعة جامعية كطريقة لكسر الصوم مع دخول وقت المغرب، وثالث يضطر لقطع عشرات الكيلومترات بحثاً عن مسجد يصلي فيه التراويح. وقد تكون لك تجربة في الهجرة لبلد يختلف كلياً عن تقاليد بلدك، فمر عليك أكثر من رمضان دون أن تشعر بروحانيته، فالناس من حولك لا يدينون بدين الإسلام، ولا يستشعرون قيمة الأيام الرمضانية المباركة، مثلما نستشعرها نحن في بلاد المسلمين. أساساً افتقاد الأم في أيام رمضان لظرف من الظروف أو رحيلها عن الدنيا هو بحد ذاته غربة قاسية يتجرع مرارتها كثير من الأسر في منازلهم، باعتبار أن وجود الأم في المنزل خلال أيام رمضان من الضرورات التي لا يمكن لأي أسرة عربية الاستغناء عنها، بل إنه لا قيمة لسفرة الإفطار أو جلسة الأسرة ما بعد التراويح إن لم تحضرها أمهاتنا. حفظ الله أمهاتكم، ورمضانكم مبارك بقرب من تحبون. [email protected]