الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

لا تهدروا طاقات المعاقين بالتجارب

الدمج .. كلمة واحدة لكن بالخوض في فحواها وتفاصيل حروفها سنتشعب لنصل إلى إنسان شاء له قدره أن يسمى بالمعاق أو من ذوي الاحتياجات الخاصة .. المهم، عبر هذه المقدمة البسيطة، أقصد دمج المعاقين مع الأسوياء في فصل دراسي واحد بغرض إدراجهم وتعويدهم على الاندماج مع إخوانهم الأسوياء في التعليم والتربية طبعاً، حيث بدأت حركة الدمج منذ أعوام .. وأتساءل لماذا دمج المعاق؟ هل وزارة الشؤون الاجتماعية عجزت مالياً عن رعايتهم وتعليمهم؟ أم هل هو تقليد لتجربة ما في إحدى الدول؟ وهل صنف المعاق بشكل دقيق كي يدمج ليستفيد؟ هل المعلم فذ ليستقبل كل فترة معاقاً مختلفاً بصرياً أو من الصم أو ذهنياً أو متخلفاً بيئياً أو حركياً أو معاقاً ذا إعاقة مزدوجة .. وفي ظل ازدحام الفصل بالطلبة كيف يستطيع ذلك؟ هل المدارس بمرافقها جاهزة لاستقبال المدمجين؟ هل عيادات المدارس مجهزة للحالات الخاصة؟ هل يوجد في المدارس اختصاصيون نفسيون لتلك الحالات في ما لو تعرض معاق لنبذ أو سخرية من زملائه في الفصل بسبب ضعف استيعاب أو أمر ما يحطم نفسيته؟ والسؤال المهم، هل سيتخرج المعاق ليصبح منتجاً في مجتمعه في خضم كل هذا الشتات التحصيلي وخصوصاً مسألة النجاح التلقائي؟ نعم، كل هذه تساؤلات تجول بداخلي لتنبئني بخطورة الأمر، فالمعاق لا يحتاج إعاقة أخرى .. الدمج المفرط بلا تدرج وبعشوائية سيخرج معاقين بلا هدف ولا ثقافة ولا تعليم كاف، بالتالي سيُرفض في سوق العمل، وسيعتمد على المساعدات من الخدمات الاجتماعية، وهناك أمثلة كثيرة لو نعود لسجلات المساعدات بوزارة الشؤون، والحالات في ازدياد، نعم في ازدياد، وأنا لا أنكر وجود معاقين متميزين، وهذا يعود لأسرهم ووعي الوالدين، وكذلك نوع الإعاقة، فهم قلة مقارنة بعدد المعاقين في الدولة. لو كان الدمج ناجحاً، لماذا لا يدمج المعاقون في نادي الأسوياء في الجانب الرياضي، طبعاً الأمر صعب لأن المعاق بحاجة لأجهزة رياضية وفنية وأرضية خاصة لممارسة ألعابه ومسابقاته، فتدريبه مختلف ذو خصوصية، لدرجة أن هناك إعاقات تحتاج الفصل عن إعاقات أخرى بالتدريب والمكان. هذا في الرياضة، فكيف بنا في دمجهم بموقع حساس ومصيري يحدد مستقبلهم كالتعليم. فأنا طموحي وثقتي أن دولتنا الفتية تسعى جاهدة للارتقاء بالمعاقين، وضمان كل سبل المعيشة مساواة بالأسوياء. وأكرر أمنيتي بأن تنشأ وزارة خاصة بشؤون المعاقين اختصاصها وضع مسار واضح وإحصاءات دقيقة وآليات تصنيف علمية لنوع الإعاقة وتحديد من يصلح للدمج أو للتعليم الخاص، وتكون مرجعاً لأسرة المعاق كي لا تتشتت بين عدة وزارات وعدة خدمات، فتكتشف أنها في المسار الخطأ لمستقبل المعاق .. وبعضهم يحبط، فإما يحبسه في البيت أو يتركه في الشارع، فيصبح عنصراً سلبياً ومزعجاً فوق إعاقته. المعاق كتلة من الطاقات فلا تدعو التجارب تهدرها.