الأربعاء - 17 أبريل 2024
الأربعاء - 17 أبريل 2024

عيون كبيرة .. الزوجة تبدع .. والزوج يسرق الموهبة

حول الثقة والموهبة والصدق الفني، تدور أحداث فيلم «عيون كبيرة» للمخرج تيم بورتون، حيث يطرح قضية الانتحال والتزييف في مجال الفن والرسم. مواهب مدفونة لا تملك العلاقات العامة أو الثقة أو ملكة التواصل مع النقاد والإعلام، فتؤثر التواري خلف شخص آخر، يجني ثمار الموهبة ويستنزفها، ويحصد النجومية والشهرة، بينما لا يلقي إلى المبدع الأصلي سوى الفتات. ويعظم الظلم والاستغلال عندما يأتي من أقرب الناس إلينا .. شريك حياتنا، تأكيداً لقول الشاعر طرفة بن العبد: وظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضة على المرءِ من وَقْعِ الحُسامِ المُهنّد. الفيلم يحكي قصة واقعية عن حياة الفنانة التشكيلية الأمريكية مارغريت كين التي حققت نجاحاً كبيراً في الخمسينيات من القرن الماضي، ولكن من وراء الستار. إذ لم يقتنع النقاد ووسائل الإعلام بمقدرتها على الإبداع، وبدلاً من أن يساعدها زوجها ولتر كين، ارتضى أن يضع توقيعه على أعمالها وينسبها لنفسه، ليصبح نجماً مشهوراً على امتداد الولايات المتحدة. وكانت وسائل الإعلام تتسابق وتتنافس على نشر أخباره وإجراء الحوارات معه، ويتبارى النقاد في الإشادة بمواهبه الفنية في عالم التشكيل والرسم، بينما تنزوي مارغريت في مرسمها بالبيت، ترسم وتبدع من أحاسيسها وعواطفها ومعاناتها، ليستولي الزوج على أعمالها وإبداعاتها، ويستحوذ على مكانة لا يستحقها. وكان الزوج بارعاً في التسويق والإقناع يمتلك القدرة على الترويج لأفكاره ومزاعمه، والجرأة على اقتناء ما ليس له، ولا يمتلكه، واشتهر بصفة خاصة في تسويق وبيع مطبوعات ومنتجات «العيون الكبيرة» للأطفال بكميات تجارية ضخمة. لم يترك متجراً أو محطة بترول أو مركزاً تجارياً من دون منتجاته التي تميزت برخص ثمنها، وانتشرت بصورة هائلة. وكانت مارغريت تبدع التصميمات والرسومات واللوحات من المرسم الخاص في بدروم المنزل، ويكتفي الزوج المخادع بوضع توقيعه عليها. ولكن دوام الحال من المحال، وتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، إذ انكشفت الحيلة بعد أن دب الخلاف بينهما، وانهار زواجهما. وحاولت الزوجة الفنانة أن تلملم جراحها، وتجبر نفسيتها المحطمة، وتستعيد حقها في الشهرة والنجومية والنجاح، وأن تعلن وتثبت للعالم كله أنها هي صاحبة ذلك الإبداع. وبين مزاعم وإنكار، وسطوة وجبروت، انتهى الأمر باللجوء إلى المحاكم، بعد أن اكتشفت أن زوجها السابق استولى على أعمالها من دون إذنها. وتشهد المحاكم جولات ومنازلات بين الحق والباطل، الإبداع والزيف. الفيلم من إخراج تيم بورتون وبطولة آمي آدامز في دور الرسامة مارغريت كين، وكريستوفر ولتز الذي لعب دور الزوج الجشع، إلى جانب داني هوستون، ديك نولان، كريستين ريتر. أجادت الحسناء آمي آدامز في تجسيد صورة الفنانة التي تفتقد الثقة في نفسها، وترتضي بالانزواء خلف زوجها الجشع، حتى تتمرد على خنوعها واستسلامها، وتقاتل من أجل حقها وموهبتها. ونجح كريستوفر ولتز في انتزاع كراهية المشاهدين بتجسيده الجيد لشخصية الزوج المستغل.