الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

ثقافة الشكاوى

 المتعارف أن الشكوى تقدم ممن له حق اعتُدي عليه، ويطالب بالإنصاف، بينما الواقع الذي نراه أنه اختلط الحابل بالنابل. وفي ظل المناداة بحق المواطن في مجتمعاتنا العربية، نقع في فهم بعض شرائح المجتمع للأسف ممن يقوموا بتقديم شكوى لأسباب لا تستحق، بل إنها أحياناً تكون انطباعات شخصية وسوء فهم وعدم وعي بحقوقه كمواطن وواجباته. ومع غياب اللوائح التي توضح حقوق الأفراد وتحدد العلاقة بينهم وبين المؤسسات الحكومية والأهلية التي يفتقدها المواطن، تعم الفوضى في خطابات الشكاوى، فتلمس خللاً في طريقة التعامل مع المشاكل، سواء من طرف الشاكي أو الجهة المشكية، فالشاكي يعرض مشكلته بأسلوب غير لائق ويوجه اتهامات وقد يسيء إلى الموظف، بل إن البعض ينال من جهة العمل بالكامل. وقد يكون الشاكي من المشاركين والمسببين للمشكلة بطريقة أو بأخرى، وتفتقر الشكوى إلى المصداقية في بعض المعلومات، ونقع في الغالب في تضخيم المشكلة البسيطة. كما يحدث أن تكون الشكوى متناقلة بين أشخاص عدة من الأطراف المعنية بالمشكلة، لتصل بالأخير لمن يحرر تلك الشكوى ليكتبها بطريقه بعيدة تماماً عن الواقع لتعدد مصادر المتحدثين، مما يحجم من الأمر، وتأخذ الشكوى منحى آخر بعيداً عن أصل المشكلة. إن تصعيد الشكاوى في بعض الأحيان ينشأ من تقصير الجهات المسؤولة مباشرة وعدم احتواء الأمر من بدايته ومعالجته قبل أن يخرج من دائرتهم، والمؤسف في بعض الأحيان محاولة بعض المسؤولين تصعيد المشكلة للنيل من موظف مثلاً. ومع شيوع ثقافة الفوضى على حساب ثقافة الحقوق والواجبات نرى أن رفع الصوت والتهديدات وتبادل الشتائم أصبحت للأسف شبه يومية في بعض البلدان في جهات العمل ذات العلاقة بالجمهور. وبما أن الأمر لا يخلو في حياتنا اليومية من خدمة لم تؤد كما يجب من أشخاص لم يتقنوا المهنية في أعمالهم المنوطة بهم في مؤسسة ما أو تصرف غير لائق من تربوي في مدرسة أو خطأ طبي أو تمريضي في مستشفى أو مركز صحي .. لزم على كل إدارة تحسين وتطوير أدائها، والاستعداد التام لتلقي الملاحظات والاقتراحات، والسعي إلى معالجة الشكاوى بأسرع وقت من صاحب الصلاحية في الإدارة دون تسربها للخارج بمعالجة سريعة ومباشرة للحالة من قبله شخصياً، خصوصاً في ما يخص خدمة المواطن. وبما أنه يغلب علينا الطابع السلبي كمجتمعات عربية، فإن الأغلبية يتساهلون في حقوقهم مع تدني المستوى في الخدمات، والمعاناة بصمت الرضا، مع اليأس من الحصول على الحق أحياناً في ظل غياب الوعي بالأنظمة والجهات المعنية في تقديم الشكوى ومع غياب ثقافة الحقوق والواجبات. لذا، كان من الضروري إيجاد التوعية الجماهيرية في الإعلام بأنواعه بنشر تلك الثقافة والثقافة القانونية بين شرائح المجتمع وتعليم الاحترام الطوعي للقانون، وهذا من الأساسيات التي على المواطن في أي مجتمع أن يعيها في كل جوانب حياته. ومن هنا تتحقق العدالة بتعليم الشخص ما له من حقوق، وما يترتب عليه من واجبات بنشر ثقافة حقوق الإنسان، وترسيخ مفاهيم روح القانون وجعلها مسؤولية الجميع.