السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

داعش وشارلي وحديث «جئتكم بالذبح»

يقتلون في كل مكان، في عرعر السعودية، وفي الرقة السورية، وفي رداع والريم اليمنية، وفي الشوارع المصرية، وفي نيجيريا وباكستان.. إنها سُنتهم القتل وعقيدتهم القتل، جاءنا النبي رحمة للعالمين وجاؤونا بالقتل والذبح! يرى المفتي الداعشي عثمان آل نازح العسيري (قتل في عين العرب «كوباني» في 2 يناير الجاري) سنة الله في خلقه، حسب قوله تعالى في المنافقين «ملْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا * سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا» سورة الأحزاب آية 61 و62، ولم ينتبه هذا الخارجي الداعشي ـ حسبما وصفته مواقع جهادية محسوبة على جبهة النصرة ـ أن النبي لم يقتل عبد الله بن أبي سلول رأس النفاق! بل لم يكشف أسماء المنافقين لأحد من أصحابه غير حذيفة بن اليمان! لم يهتك سترهم! فما بالك بقتلهم، لم ينتبه أن الله في كتابه يسن سنة عامة في أن النصر للمؤمنين، هذه سنة الله، وأن الهزيمة للخوارج والظالمين، وليست سنة الله هنا القتل كما قال في جمعه يوم جمعة في مسجد الرقة الكبير في نوفمبر الماضي 2014. كانت آخر جرائمهم تلك الجريمة البشعة المقززة التي أدانها العالم وارتكبها شقيقان متطرفان في جريدة شارلي إيبدو بالعاصمة الفرنسية باريس في السابع من يناير الجاري، وراح ضحيتها 12 قتيلاً، عشرة منهم من الصحافيين ورسامي الكاريكاتير داخل مكاتبها وحارسان أحدهما مسلم يسمى أحمد! جاؤوهم بالذبح! لأنهم رسموا رسماً مسيئاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا النبي الذي لم ينتقم من الأربعة الذين قذفوا عرض زوجته وأمنا عائشة رضي الله عنها، هذا النبي صلى الله عليه وسلم الذي خاطب أبا جهل كما في الصحيح حين أغضبه وأساء إليه وشد عنقه وهو يصلي:«إنما جئتكم بالذبح» مهدداً! ولكنه كان يدعو اللهم انصر الإسلام بأحد العمرين عمرو بن هشام بن المغيرة (أبو جهل) أو عمر بن الخطاب، واختار الله الأخير رضي الله عنه! رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي اختار أن يقول بعد عام الحزن «اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون» بعد أن أهانه قوم ثقيف في الطائف، وحرّشوا عليه الصبية والمجانين حتى أسالوا دمه وهرب منهم لائذاً بحديقة لشيبة وعتبة بن أمية! وهو الذي كان يوصي أصحابه وبعوثه ألا يخلعوا شجراً ولا يقتلوا طفلاً أو شيخاً أو من لا يحمل سلاحاً! ليست هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها جريدة شارلي إيبدو الجريدة الأسبوعية الساخرة الشهيرة، فقد تعرضت في نوفمبر عام 2011 للحريق إثر أزمة الرسوم الكاريكاتورية، لم ينتبه القتلة لطبيعة فرنسا العلمانية الشاملة التي تسمح بانتقاد مختلف الثوابت، وأنه في العدد نفسه الذي حمل الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم كان ثمة موضوع آخر ينكر وجود المسيح أصلاً! ولينظروا إلى ما كتبه المنظرون الفرنسيون في المسيحية وفي نقدها أدبياً ونقدياً وسينمائياً! يقولون إنهم غضبوا لنبي لم يفعل فعلهم حين أهين في حياته! كما أسلفنا الذكر، فهموا رسالته ذبحاً وهو ما قالها إلا غضباً وتهديداً لرجل أراد أن يدعس رأسه وهو ساجد، ويهينه ساخراً في بيت الله الحرام، وما غضبوا له.. إنها رغبة داعش التي احتفت بما سمتهم الأبطال وهم الجبناء شأن جبناء مصر واليمن وكل متطرفي العالم، في الانتقام من فرنسا التي تزعمت نداءات الحرب الدولية عليها! والتي بدأت في سبتمبر الماضي، ورغم تشكيك البعض في جدواها يقر الدواعش بخسائرهم جراءها.. فرنسا التي ذكرها بالاسم المتحدث باسم داعش الذي لم يحصل على درجة تعليمية بالمرة، وهو يدعو كل المسلمين للغدر بمواطن لجوئهم في البلاد الغربية للغدر بهم، ووصاهم بفرنسا تحديداً. فأخذت تشهد الحادث تلو الحادث وقال وزير خارجيتها في ديسمبر الماضي إنها تجاوزت ألف محاولة! شكراً داعش لقد جئتمونا وجئتموهم فقط بالذبح أيها الخوارج! [email protected]