الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

بين التعود والتمدد

العشق حياة، لذلك فإن مصيره إلى المقبرة ككل كائن حي. مهما تفانت الدراسات ووُضعت النظريات وحاولت التجارب جاهدة أن تُثبت فرضياتها بشأن تجديد الحب ودوامه فلن تُفلح، لأن التجربة الحياتية تقف ماثلة أمامها لتُثبت ببساطة أن مصير العشق والهيام إلى المقبرة، إلا أن المقبرة لم تكن يوماً نهاية وإنما بداية لحياة جديدة، حياة مختلفة تخلُد فيها المعاني وترسخ أكثر. وكذلك الحب فإنه ينتقل إلى مرحلة جديدة، إلى معانٍ مختلفة تكون بديلاً من الغرام والهيام، هي مرحلة التعود التي لا أراها إلا مرحلة من مراحل الحب. التعود هو معنى من معاني الإدمان، إذ لا يُطيق فيها المرء العيش من دون الجزء الذي اعتاده، وفي حال غيابه يشعر بالنقص والفراغ.. لا يحفل بوجوده حوله ولا يُلفته حضوره ولكن يكسره الغياب ويقتله الحرمان، مثل النباتات الدرنية كلما ضعفت الساق فوق سطح الأرض وجفت النبتة الخضراء، دلّ ذلك على نضوج الثمرة تحت مستوى الأرض، لأن التعود تمدد إلى الداخل، تغلغل في القلب والروح رغم اختفاء البهجة والاحتفاء على ملامحنا من الخارج. فبين التعود والتمدد مسافة جذور.