الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

وفاء إلى محمد ولد عبدي

عرفته منذ سنوات .. رأيته في بهو المجمع الثقافي وفي اتحاد كتاب الإمارات، وغيرهما من النوادي الثقافية والاجتماعية، خصوصاً في معرض أبوظبي الدولي للكتاب لعدة دورات خلت. دائب الحراك، متوثب الهامة، متوقد الفكر، متحمس للعمل إلى أبعد الحدود، لا يفتر أو تأخذه دقائق القيلولة .. جل همه أن يكون للحدث الثقافي أثر ومعلم، كل من يراه للوهلة الأولى يستشعر الابتسامة تنداح على مبسمه، وكأنك تعرفه منذ زمن. كونه قد توشح بحسن الدماثة ورقة المشاعر .. فينقلك للتو إلى دهشة الحيرة الفطرية التي تتغلغل في الوجدان، متداخلة مع حديث شيق ممتع أخّاذ. يتمحور في وجدانك ندياً عطراً، ويستقر في خلدك قامة مرموقة وقلماً مهذباً ودواة حبر تنهل من خزائن المعرفة وسائر العلوم بلاغة وبياناً وتبياناً .. تتنوع وتتشكل بمصداقية وواقعية، بعيدة عن الإسفاف والتهميش. إنها الريادة العقلانية الفكرية من دون منازع، امتاز بها الراحل الكبير والمفكر الفيلسوف البارع. إنه الشاعر والناقد الأديب والمترجم الدكتور محمد ولد عبدي، والذي تشرفت بإهداء من خلال كتابه (السياق والانسياق) في الثقافة الموريتانية كنموذج للشعر في تفعيلاته وأوزانه وبحوره .. إن كلمة الوفاء هذه تعبر عن مدى إخلاص اتحاد كتاب وأدباء الإمارات لأسرة الشاعر ومحبيه الذين احتفوا به وأقاموا حفل تأبين يليق بمكانته وجل أعماله، نظراً لما قدمه إلى الإمارات ومسقط رأسه موريتانيا وسائر بلدان المغرب العربي من ثقافة مرموقة سامقة، ونفحات دينية وجدانية تمتلئ بالفقه والشريعة الإسلامية السمحة الفطرية. رحم الله الفقيد الفقيه وأسكنه فسيح جناته، ومنح أهله السلوى وحسن العزاء. وختاماً أتذكره أيضاً قبل أن تدار الأمسيات الثقافية، حينما تراه يهرع بنفسه إلى إيجاد مقاعد للضيوف بأدب جم وابتسامات برّاقة.