الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

اليمن لا يحتاج للشعراء

تصريح المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية، مرضية أفخم، أن «استخدام الخيار العسكري في اليمن من شأنه أن يزيد من تعقيد الأمور واتساع رقعة الأزمة وإنهاء فرص التوصل لحلول سلمية للخلافات الداخلية»، تصريح مثير للسخرية. كأن إيران التي دست أنفها في الشؤون الداخلية لعدة دول عربية واستخدمت الخيار العسكري في كل من سوريا والعراق ولبنان لم ينتج عن تدخلها زيادة رقعة الأزمة في مناطق الصراع. كأن إيران التي حرضت على استخدام الأساليب الإرهابية ضد المدنيين في السعودية والإمارات والبحرين على مدى سنوات عدة لم تكن تهدف لزعزعة الأمن في تلك الدول الآمنة. إيران تصرخ بصوت فحيح الأفعى أنها تريد وقفاً فورياً للعمليات العسكرية والغارات الجوية في اليمن واعتبرت هذه الغارات «حائلاً دون الوصول إلى حل سياسي في البلاد». كأن الطائرات الإيرانية التي كانت تنقل العتاد والسلاح والإرهاب إلى صنعاء خلال الأسبوعين الماضيين كانت تسعى لترسيخ الحل السياسي والأمن والسلام في اليمن. كالعادة جاءت تصريحات السيدة مرضية أفخم متأخرة جداً، إذ إنها دعت إلى «ضرورة تمسك كافة الأطراف بالحلول الوطنية الناتجة عن الاتفاق بين الأحزاب والكتل السياسية في اليمن». لقد ناشدت السعودية والدول الخليجية والإقليمية والدول الأخرى الأطراف المتنازعة في اليمن، بمن فيهم الحوثيين (الذين استولوا على زمام السلطة بإرهاب السلاح الإيراني) أن يتم حل المعضلة اليمنية في حوار يجمع كل الأطراف. رفض الحوثيون فكرة الحوار جملة وتفصيلاً، بل وسيطروا على السلطة في اليمن بقوة السلاح مما يُعتبَر خروجاً على بنود المبادرة الخليجية التي طرحتها دول مجلس التعاون الخليجي في نوفمبر 2011. لم يكن بوسع المملكة العربية السعودية والدول الخليجية والإقليمية الأخرى (ما عدا عُمان) إلا أن تقوم بهذه العملية التصحيحية قبل أن تلتهم النار الأخضر واليابس. لن تسمح السعودية بتنامي النفوذ الإيراني في جنوب الجزيرة العربية، أو التأثير في العمق الاستراتيجي لدول مجلس التعاون الخليجي وتهديد حرية الملاحة في تلك البقعة الاستراتيجية. أما التصريح الآخر المثير للسخرية فقد جاء على لسان رئيس لجنة الأمن القومي والسیاسة الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدین بروجردي، والذي «حذر» فيه السعودية من العواقب التي تتعرض لها نتيجة هجومها على حركة أنصار الله الحوثيين في اليمن، مؤكداً أن «السعودية تلعب في النار». لعلنا نذكر السيد بروجردي أن إيران هي من تلعب بالبراميل الحارقة التي أسقطها حليفها على المدنيين في سوريا، وأن إيران كانت تلعب بالنار في تدخلها السافر في الشؤون الداخلية في المنامة الآمنة، وأن إيران هي السبب الأول لتفاقم شوكة الإرهاب في المنطقة. تصريح بروجردي أن «هناك عواقب وخيمة ستعود بالضرر على السعودية نتيجة تدخلها في الأزمة اليمنية» ليس بجديد؛ فإيران دأبت على التدخل السافر في الشأن الداخلي السعودي، حتى في مكة المكرمة أطهر بقعة في الأرض خلال مواسم الحج. اليمن لا يحتاج اليوم للشعراء والخطب المنمقة، بل إلى الحكماء الذين يهدفون بالدرجة الأولى لإنقاذ الشعب اليمني من العقرب الإيراني. اختلف اللسانيون وأهل الأخبار في تحديد معنى اليمن ولهم عدة نظريات بخصوص ذلك، فقيل إنه مشتق من اليُمن أي البركة وهو نقيض الشؤم. إذا كان هناك شؤم، فهو التدخل الإيراني السافر في اليمن سعياً منها لضمهِ لقافلة العمائم في العراق وسوريا ولبنان. لقد أفشلت «عاصفة الحزم» هذا الحلم الذي كان من الممكن – لا قدر الله - أن يحول المنطقة كلها إلى كابوس إيراني مقيت. [email protected]