الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

ثقافة الستر الغائبة

طبعاً لا شك أننا ننكر وبشدة ما حدث في واقعة خورفكان، تلك الواقعة التي فضح تفاصيلها الفيديو المسرّب الذي سُمي «فيديو الرذيلة»، حيث إننا كمسلمين أولاً أهل دين وإيمان، وثانياً كعرب أهل نخوة وكرامة، وثالثاً كإماراتيين أهل هوية نمثل بها هذا البلد ولا نقبل أبداً هذه التصرفات اللاقويمة والعقيمة من الأخلاقيات والأدب. نعم قد أخطأ كلٌّ من خالد حرية والمجموعة التي كانت معه، والحسن في الموضوع أن خالد اعترف بخطئه وأقر به، والأمر مثلما هو معلوم وكما أمر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الوالد والمربي ـ أطال الله بعمره ـ يأخذ مساره بيد العدالة صوناً للكرامة وردعاً للمفسدة. ولكن مع كل هذا للأسف، صار ترويج واسع لهذه الواقعة، وكأن الناس تسمع أول مرة عن الـمعلاية! هذا الفن أو هذه الرقصة أو لا أدري حقيقة ما أسميها، فقد اختلفت الآراء في الآونة الأخيرة حول تعريف ماهيتها، فمنهم من يستنكر صلة جذورها بمنطقتنا، والبعض يؤيد أنها جزء من التراث، وآخرون يذهب قولهم إلى أن أصلها لم يكن ماجناً مثل حالها اليوم، بل كان فناً مقتصراً أداؤه على الرجال البحارة في الماضي. وفي قضيتنا هذه أثار ما أثاره الفيديو المسرّب من بلبلة، وكأن الدنيا خالية من الأمور المؤلمة والبلايا المخزية، ويا ليتها وقفت عند هذا الحد، بل أخذت فئة تسبّ وتشمت، وأخرى تذيع وتعيّر، وهناك من يضحك ويعيب، متناسين عظمة الستر. نعم حدث ما حدث، ولكن لا يعني هذا أن نزيد ونعيد ونتمادى في تناول القضية شماتة وتعييراً. وإن كان أصحاب القضية لم يستروا خطأهم ورذيلتهم، فلا يعقل أن نوسع نحن دائرتها كي يعلم من لم يعلم عنها بالمشرق والمغرب، فهنا يكون أسلوب الرادع للرذيلة أسلوب الذائع لها وحسب. عظيم ألا يقبل المجتمع بهذه الممارسات في أوساطه، والأعظم أن يدرك أفراده ثقافة الستر وفضائله، كما أن للستر ضوابط وحدوداً يجب أن نعلمها ونتصف بها. وهناك فرق أيضاً بين الإخبار عن حدث فُضح بنية قطع شوكته عن المجتمع مستقبلاً وبين من يشيعه شامتاً، وفي الحديث الشريف «لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك». ختاماً.. لا تضحك على مبتلى، فكم من مبتلى نقله بلاؤه من حال إلى حال بعون الله، ادعوا لإخوانكم بالهداية، واسألوا الله العفو والعافية.