الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

مكانة المرأة في الحضارات القديمة

لا شك أن وضع المرأة اختلف من حضارة لأخرى، ومع ذلك بقيت المرأة في الحضارة المصرية الفرعونية متربعة على العرش لا ينازعها في ذلك منازع؛ فقد احتلت المرأة مكانة فريدة عند أجدادنا القدماء حتى إنهم أطلقوا على الآلهة في النظام الأمومي أسماء مؤنثة وجعلوها على شكل أنثى فكانت «أي ست» أعظم الآلهة وكانت مرتبطة بالتخصيب الجنسي والزراعي ومصدر الخير والنماء. كما جاءت البرديات المختلفة تؤكد مكانة المرأة الفريدة ومدى تقدير الزوج لها، فقد كان من أهم بنود عقد الزواج في مصر القديمة أن يقسم الرجل على طاعة زوجته والخضوع لها. كما كان يتعهد بالتنازل لها عن كل أملاكه ومكاسبه المستقبلية. كما كانت الأملاك الزراعية تنتقل بعد موت الأمهات إلى الإناث وليس الذكور، فقد جاء في بردية «نب ست» الشهيرة أنها توصي بأملاكها الزراعية لأبنائها الذكور بدلاً من أن تنتقل إلى الإناث حسب العرف السائد. كما كانت المرأة هي التي تبدأ بخطبة الرجل وعرض الزواج عليه، فقد جاء في إحدى الرسائل الغرامية التي وصلت إلينا، أرسلتها فتاة إلى حبيبها تقول فيها: «أي صديقي الجميل إني أرغب في أن أكون بوصفي زوجتك صاحبة كل أملاكك». ومن ثم يمكننا فهم وصية الحكيم بتاح حوتب لابنه قائلاً: «املأ بطنها، واكسُ ظهرها، وأدخل السرور على قلبها، ولا تعارضها فإن في معارضتها هلاكك»! وفي حين كانت النساء في بلاد اليونان القديمة معزولات عن الحياة العامة وممارسة السياسة، بل كانوا يعتبرونهن ضعيفات متسرعات ناقصات عقل، يملن مع الهوى، ولا يعتمد عليهن؛ كانت المرأة في مصر تنسج الكتان في المنازل وتشتري الحاجيات من السوق وتعمل في الحقل وتشارك في الإبداع العقلي والاجتماعي وتتبوأ أعلى المناصب السياسية، فكان من الطبيعي أن يصرخ «هيرودوت» عند زيارته مصر قائلاً: «إن مصر تحوي العجائب». وتتضح هذه المكانة الرائعة للمرأة في مصر القديمة خصوصاً إذا ما قارناها بغيرها من الأمم الأخرى وكيف كانت تنظر إلى المرأة؛ فلم يكن وضع المرأة في الهند أفضل منه في بلاد اليونان بل كان أسوأ مئات المرات فقد كانت المرأة تحرق مع زوجها حين يموت وكأنها ثيابه البالية، وكانت في الصين مجرد خادمة تسكن الحجرات الأقل تهوية والأسوأ إضاءة. وكفل الدين الإسلامي للمرأة حقوقها، فجعل لها حرية التملك على قدم المساواة مع الرجل، وجعل لهن مثل الذي عليهن بالمعروف، وأعطاها الحق في الزواج ممن تريد، كما كفل لها حقها في الطلاق، وأمر الرجل أن يحسن معاشرة زوجته وأن يلاطفها ويحسن إليها، كما كفل لها الكثير من حقوقها السياسية والاجتماعية، وحث على ضرورة مشاركتها الرجل في كل أمور الحياة على عكس ما يزعم بعض الحمقى من المتطرفين هنا أو هناك.