الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

دنيا تتوهم السلام

الحكاية تبدأ هكذا .. طلقات نار .. قصف جوي وبحري .. موتى وجرحى يتساقطون.. دبلوماسيون ينشطون لإعادة الهدوء وإيجاد حلول سلمية .. غالباً لا حلول مرضية لأطراف النزاع، هكذا أصبح عالمنا اليوم، عالم يمقت الهدوء، دنيا لا تريد الأمان ولا السلام الدائم بين الشعوب، كأن قدرنا أن نعيش كل يوم حكاية أزمة سياسية جديدة، فنتابع المشهد بصمت وبرود. مناظر فضائياتنا أصبحت كالتالي: عاهات مستديمة، أطفال مشردون، صرخات واستغاثات من هنا وهناك، عائلات بأكملها بلا مأوى، جرحى ينتظرون من يسعف ويداوي جراحهم، مستشفيات تشكو نفاد الدواء أو نقصه، تلك لقطات اعتادتها الأعين بل ومللناها، للدرجة التي تبلدت فيها أحاسيسنا، فلم تعد الأحاسيس تتفاعل مع تلك المناظر إلا فيما ندر. السلام الدائم والعادل الذي أصبح شعاراً يترنم به صناع الأزمات بين الشعوب، هل أحدكم لا يزال مقتنعاً بأننا سننعم به يوماً ما؟ من الآخر هل لا يزال أحدكم يصدق كبار ساسة العالم حين يجتمعون فيما بينهم لبحث فرص تحقيق السلام الشامل في دول النزاعات السياسية؟ هل يوجد من يعتقد أن مشكلات العراق ولبنان والسودان والصومال وباكستان وأفغانستان ستكتب لها النهاية الحتمية في يوم ما ومن ثم تعيش هذه الدول في سلام دائم؟ الإعلام العربي ممثلاً بفضائياته الإخبارية ينشط ليجد من أزمات الدنيا مادة دسمة يتغذى عليها ويزيد من مبيعاته، فمرة يستضيف خبيراً عسكرياً يحلل ويعلق على تطور الأحداث، ومرة يستضيف سياسياً مخضرماً ليدلي بدلوه في مجريات الأمور، لكن إعلامنا العربي له حساباته الخاصة، تراه متحيزاً أو مشوِّهاً للوقائع أو يخدم مصالح جهات مشبوهة أو صادقاً وموضوعياً وهذه الأخيرة صفة نادرة نراها في عدد محدود من الفضائيات النزيهة. أمام تلك الأزمات السياسية يقف المواطن العربي حائراً، كأنه يتمنى فعل شيء ما لإيقاف نزيف الدماء فلا يجد، يتحمس ويتظاهر مطالباً بإعادة الهدوء والحقوق لأصحابها، لكن مطالباته وحماسته تذهب سدى، يطلق صرخات وتغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي وما من أحد يكترث لصرخاته، وتارة يتضرع بالدعاء ينادي رب السماء بأن ينصر المظلومين، لكنه يؤخر صلواته، ربما يمنع زكاة أمواله أو يتهاون في وظيفته فأنى يستجاب له؟ [email protected]