الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

ذاكرة كرة القدم

هل بالفعل ذاكرة كرة القدم ضعيفة .. وما مدى صحة تلك المقولة؟ الواقع يؤكد أن جماهير كرة القدم وأمام أول إخفاق، ينسون كل الأشياء الجميلة ويتناسون عناوين الفوز وفرحة الإنجازات، ويقسون على أنفسهم وعلى فريقهم ويكونون قاسين عليها، ويستخدمون كل أساليب جلد الذات مع من يحب أمام أول حالة إخفاق يتعرض له الفريق، وفي المقابل فإن الجماهير لا يتذكرون في لحظات الفرحة والفوز، أن كرة القدم دوارة يوم تدور معك وفي آخر تتدحرج ضدك، تماماً كما هي الحياة نجدها تقبل علينا في بعض الأيام بضحكة صباحية مشرقة لا تكاد تنتهي، وفي أيام أخرى نبحث عن ابتسامة ولا نجدها، ومع ذلك فإننا في قمة الفرح لا نتذكر الأحزان، وعند الخسارة والحزن نتناسى لحظات المجد والتفوق، لأن ذاكرتنا لا تتحمل المزج بين الموقفين وكذلك الحال بالنسبة للذاكرة الرياضية، نجدها دائماً مضطربة ولا تعرف معنى الاستقرار، والسبب يعود إلي أنها ضعيفة. ذاكرة الجماهير قد تكون ضعيفة فعلياً مع حالات الفوز والخسارة، ولكنها مختلفة مع الأحداث الأخرى وبالتحديد تلك التي تأخذ طابع النزاعات والخلافات، فالمواقف ذات الصبغة الخلافية والتي تصل للجان فض النزاعات، وتأخذ صفة القضايا التي تنتهي بأحكام تنفيذية لمصلحة أحد الطرفين لا يمكن أن يطويها النسيان مهما طال أمدها وعمرها، لأن الأجيال تتوارث مثل تلك المواقف التي ترسم ملامح العلاقة المستقبلية بين الأطراف المتنازعة، ولهذا فإننا في كل مناسبة نشدد على ضرورة أن تسمو علاقة أنديتنا بعضها، وأن تكون أكبر بكثير من العلاقات الوقتية القائمة على التنافس الوقتي والمحلي، الذي سرعان ما ينتهي بنهاية ٩٠ دقيقة هي الزمن الفعلي لأي مباراة. ذاكرة كرة القدم المحلية تحتوي على الكثير من المواقف الإيجابية والسلبية التي كانت السبب في تقوية العلاقة بين الأندية وأخرى كانت السبب في إحداث شرخ لا يمكن إصلاحه على الرغم من مرور الأزمان والسنين، ولأن العلاقة الثنائية في وسطنا الرياضي هي أغلى ما نملك، فإن كل ما نطلبه ونتمناه أن يعيد أولئك الساعون نحو مكاسب وقتية حساباتهم ويغلّبوا المصلحة العامة ومصلحة الوطن، بدلاً من الجري وراء مكاسب وهمية لا وجود لها. كلمة أخيرة ذاكرة كرة القدم ضعيفة وسريعة النسيان، ولكن ذاكرة الأيام لا يمكن أن تنسى المواقف التي تترك جرحاً مؤلماً في جسد العلاقة بين أنديتنا.