الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

«الحزم» .. ذي قار جديدة

استودع الرئيس هادي شعبه وأهله أشقاءه العرب فهبوا له، كما استودعهم سلفه النعمان بن المنذر هانئ بن مسعود الشيباني، وأبى كسرى أبرويز الذي قتل أباه غدراً إلا الغدر! وأخذ الأمانة كلها له! عاصفة الحزم التي انطلقت في 26 مارس الماضي هي «ذي قار» جديدة، تذكر بالقديمة التي قادها هانئ بن مسعود الشيباني ضد فارس وعملائها حينئذ الذين كان يقودهم إياس بن قبيصة، وخلدها أعشى قيس في شعره. للتذكير كان صالح وحزبه أغلبية من شاركوا في مؤتمر الحوار الوطني اليمني الذي بدأت أولى جلساته في 18 مارس 2013، برئاسة الرئيس هادي الذي أتت به شرعية الثورة ووسيط المبادرة الخليجية التي ظل صالح يراوغها وقبل بها في النهاية، وعضوية 565 عضواً من مختلف القوى، كان صالح نفسه وحزبه وحلفاؤه أصحاب الغالبية فيه، حيث شاركوا بـ 122 عضواً أي بنسبة 21 في المئة من عدد أعضائه، بينما شارك فيه الحوثيون بـ 40 عضواً. كانت مخرجات الحوار مبشرة بيمن جديد مستقر ومتعايش، نوقشت فيه كل القضايا بدءاً من قضية صعدة إلى قضية الجنوب، ولكن دهستها أطماع عبد الملك وصالح التي بدأت منذ أغسطس الماضي وانتهت بسقوط العاصمة في 21 سبتمبر في يد ميليشياتهم المسلحة! فروّعت المواطنين وأسقطت الدولة والشرعية وحاصرت الرئيس ورئيس الوزراء والحكومة، وقامت بعمليات إبادة جماعية للسلفيين في المدن والقرى، من دماج إلى عمران إلى صنعاء! واستمرت تلاحق الفارين من الجحيم في دماج إلى الحديدة التي سلمها الخونة من حلفاء صالح لهم سلمياً، وتحرق مقرات الأحزاب والأهالي وتقتل كل من يعارضهم. كل هذا تم بحجة واهية وهي ارتفاع أسعار البنزين! كما لم تلتزم ميليشيات صالح والحوثي بالمبادرة الخليجية التي وقّعوا عليها، كما لم يلتزموا بمخرجات الحوار الوطني ولم يلتزموا كذلك باتفاق الشراكة والسلم وبروتوكوله الأمني الذي وقّعوا عليه بحضور جمال بنعمر المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في اليمن، وخضع الرئيس ورئيس الحكومة لشروطهم، ولكنهم لم يلتزموا بأي التزام! كان إعلان نصر الميليشيات وانتفاخه قادماً من السيد كسرى في إيران، الذي ظن اليمن أسهل بعد أن غدت سوريا شبه ولاية إيرانية، ولكن كانت عاصفة الحزم أو «ذي قار» الجديدة هي التي أجبرت إيران على التراجع ولبس ملمس الثعبان داعية للحوار، ولكن أي حوار بين شرعية وانقلاب وأي حوار بين مجتمع وميليشيات يدعمها سلاحكم ورجالكم ويدربها ويشاركها حرسكم! في يوم واحد، وتحديداً الثامن من أبريل الجاري، كانت زيارة نائب وزير الخارجية الإيراني مرتضى سرمدي للجزائر وتصريحه أنه لا مانع لدى إيران من الحوار مع المملكة العربية السعودية، ولمّح بشكل قوي إلى دور جزائري في قيامها بدور الوسيط بين طهران وقوى التحالف التي تقودها السعودية في عمليتها العسكرية لضرب معاقل الحوثيين في اليمن، وقال المسؤول الإيراني في لقاء مع الصحافة، في مقر السفارة الإيرانية في الجزائر، «ليس هنالك مانع من الحوار مع السعودية، ومستعدون له، وليس عندنا مشاكل في الحوار معها.. نقول إن الحوار اليمني حتى ينجح يجب أن لا يكون مقيداً، فالحوار تحت القصف غير ناجح». ثم انتقل إلى لبنان في اليوم نفسه والتقى رئيس الحكومة حيث عطل حزب إيران في لبنان اختيار رئيس الدولة، وصرح خلال اللقاء أن إيران لا تؤيد أي حل عسكري في اليمن لأن الغارات الجوية التي ينفذها التحالف تستهدف المدنيين الآمنين وتدمر البنى التحية للبلاد، معتبراً أن ما ارتكبته السعودية ومعها دول التحالف هو خطأ استراتيجي فادح يجب على كل الدول الغيورة على الاستقرار في المنطقة أن تتكاتف وتجد مخرجاً له.. تعالت اللهجة في لبنان قليلاً وهو المفهوم! ولكن أين كان خوفه على المدنيين وميليشياته تحتكر السلاح وتهدد الناس على مرأى من قنواته وقنوات الحوثيين أنفسهم! ثم كان ظريف في اليوم نفسه أيضاً يصرح من باكستان عن رفضه عاصفة الحزم التي أقلقته ورفضه التدخل الخارجي في اليمن، كما وصفه، رغم أنها دعوة شرعية ودعوة شعبية لإنقاذ شعب من ميليشيات تسرق حياته! ليت إيران نصحت نفسها وكفت عن الكذب قبل أن تنصح غيرها!